قام معهد الإدارة العامة بترجمة كتاب: (منظمة بلا خوف تهيئة الأمان النفسي في أماكن العمل للتعلُّم والابتكار والنمو)، للدكتورة آيمي س. إدموندسون»، الأستاذة في جامعة هارفارد. وجاء الكتاب الذي ترجمه «الدكتور سامي بن فتحي الدجوي»، وراجعه الدكتور بركات بن مازن العتيبي، في 260 صفحة من القطع المتوسط، وهو في الجملة يسعى إلى تقديم رؤية لبيئة العمل التي تتَّسم بالأمان النفسي، من خلال تخطِّي حاجز الخوف لدى الموظفين في بعض المواقف الحاسمة التي يواجهونها، والتي تُؤدِّي في نهاية المطاف إلى مستقبل أفضل لهم وللمنظمة، وأحيانًا قد تُشكِّل نقلةً نوعيةً في تاريخ المنظمة. واحتوى الكتاب على أحداث واقعية جرت في مختلف أرجاء العالم، جميعها تشير إلى أن الإحجام عن الحديث في الوقت المناسب، وعدم التصريح بما يجول في النفس؛ يمكن أن يؤدِّي إلى كوارث. وسلط الكتاب الضوء على أهمية التخلُّص من ثقافة الخوف في المنظمات، وإفساح المجال للتعبير والتعامل مع خطأ الموظف على أنه وسيلة للتعلم، وأن هذا كله يُعد خطوةً نحو طريق تحقيق النجاح للمنظمة وموظفيها، مع تقديم حلول علمية لمعظم الحالات التي تمُرُّ بنا في منظماتنا، وأولى خطوات الحلول تبدأ بتمهيد الطريق للأمان النفسي. ثم تنتقل إلى دعوة الموظفين للمشاركة من خلال التدرُّب على الاستفسار عن طريق تأطير العمل، وتنتهي هذه الخطوات بمرحلة الاستجابة بشكل منتجٍ من خلال التفكير في تبادل المنافع بين الموظف والمنظمة. ويشرح الكتاب تفاصيل تطبيق الأمان النفسي بين المنظمات المختلفة وبين مجموعات العمل، وأبرز الحلول المشتركة التي يمكن لمختلف المنظمات تطبيقها، وأولها هو أن تجعل الأمان النفسي ضمن ثقافة المنظمة، وأن تكون ذات طابع مؤسسي ومنهجي، وأن تجعل المنظمة قائمة على التعلم مما حدث ومن أخطائها، وأن تطمح إلى البقاء من خلال التعلم المستمر. والحل الثاني، هو كيفية معالجة القادة للفشل، ولا يكفي مجرد قبوله، لأننا بحاجة إلى فهم الفشل ليس شيئًا نخافه أو نحاول تجنُّبه، ولكن جزءًا طبيعيًّا من التعلم والاستكشاف، وكي نفصل الأجزاء الجيدة عن السيئة من الفشل، يجب علينا أن ندرك كلًا من واقع (الفشل) وفائدة التطور الناتج عن ذلك (التعلم). أما الحل الآخر هو أن تُعد نفسك من بين أولئك القادة الذين يصفون أنفسهم بأنهم «لا يعرفون»، واجعل «عدم المعرفة» سمة إيجابية لديك، فهؤلاء القادة يلعبون دورًا قويًّا بشكل مدهش في جذب قلوب وعقول الآخرين، وهنا يجدر بنا أن نقول: إن الثقة والتواضع ليسا نقيضَين، فالثقة في قدرات المرء ومعرفته، عندما يكون لها ما يبرِّرها، أفضل بكثير من التواضع الزائف، في حين أن التواضع ليس الحياء، أو التكلف، بل هو الاعتراف البسيط بأنك لا تملك كل الإجابات، وبالتأكيد ليس لديك الحلول السحرية والاعتراف بأخطائك وأوجه قصورك. ويجيب الكتاب في آخر صفحاته على عدد من الأسئلة الجوهرية التي قد ترد إلى ذهن القارئ، ومنها على سبيل المثال: هل تستغرق تهيئة مكان عمل آمن نفسيًّا الكثير من الوقت؟ وهل يتطلب أن نكون شفَّافين بشأن كل شيء لتهيئة مكان عمل آمن نفسيًّا؟ وهل يمكن للموظفين ممارسة الأمان النفسي في العمل في ظل عدم تبني المديرين من ممارسة ذلك؟.