يبدو أن الدائرة مثيرة للجدل والحوار والدهشة، فهي تشير إلى الأبدية والاستمرارية وفي كل الثقافات فإنها تشير إلى الشمس والقمر والكون والكواكب، فالشكل الدائري يشكل الكمال والاستمرارية. ما إن قرأت رواية شيفرة دافنشي للروائي دان براون وأنا أتخيل تلك الرموز التي ألهمته بالكتابة بعمق في لوحة الرجل الفيتوري للفنان ليوناردو دافنشي، وكيف بنى عليها المخرج رون هاوارد الحبكة الروائية وتجسيدها، انطلاق الجذب للفيلم من خلال حارس متحف اللوفر الذي هاجمه اللصوص وحين سقوطه على الأرض في بهو المتحف رسم بدمه دائرة وهو يغرق في وسطها، وكتب بعض الرموز السرية داخل الدائرة ليترك للمحقق البحث عن أسرار تلك الرموز واستقطاب خبير الرموز من الولاياتالمتحدة لفك تلك الرموز. أما الدائرة ورمزيتها في الفن فهي دلالة اللانهاية، وفي مدارس الفن الحديث استخدمت بشكل كبير كعنصر أساسي في العمل الفني، فنجد أن الكثير من الفنانين يستخدم الدائرة للدلالة على مصدر النور، وتسكن الدائرة السماء من خلال قرص الشمس، أو القمر عندما يكون بدراً، وكان الفنان الهولندي فينست فان جوخ أكثر الفنانين استخداماً للدائرة في تكويناته وفي لمسة الفرشاة وحركتها الدالة على ديمومة الأداء. واستخدمت الدائرة في الفنون الإسلامية بشكل كبير وهي مرتبطة برسم الإنسان حيث يشكل في حركته نجمة خماسية تكون الدائرة، واستخدم الفنانون الدائرة منذ قرون، لما تتمتع به من بساطة، ودفع ذلك بعضهم لرسم دوائر عددية، مستفيدين من عدم وجود بداية أو نهاية لها، وقد يكون فنانو عصر النهضة هم الأكثر رسماً للدائرة للدلالة الرمزية للكون، بينما استفاد البعض الآخر من كثرة خطوط التناظر فيها لينتج بصريات مرئية، كما اكتشفت بعض التقنيات المستخدمة خلال العصور الماضية لإنتاج الفن الدائري، عندما استخدم الفنانون الدائرة كأفضل طريقة للوصول إلى أهدافهم في التزيين. وعلى سبيل المثال لا الحصر إن الفنان الهولندي فان جوخ الذي لا تخلو لوحاته من الدوائر، أحياناً تكون الشمس هي ركيزة الدائرة وتنطلق منها للسماء والأرض، وأحياناً تكون الدائرة هي الضوء بأي شكل من الأشكال الدائرية، وتكون السماء والحقول تميل في أعماله الفنية لحركة الدوران. وهنا سوف أتوقف قليلاً عند تجربتي الفنية، حيث تتكرر الدائرة في كثير من أعمالي الفنية منذ أكثر من أربعة عقود، فحينما يكون الموضوع مرتبطاً برمزية السلام، وكأن دلالتها ترتبط بالحياة والحب الذي لا حدود له، فالحب هو السلام والسلام هم التسامح، وهكذا تكون حركة الدائرة تستوعب الكون كله، على عكس الأشكال الأخرى المحددة بزوايا مغلقة لا تسمح بالخروج من إطارها، ومن خلال تأمل بسيط لبعض الأعمال الفنية التي أنتجتها خلال فترات من الزمن وجدت الدائرة مرتبطة بجسد المرأة في تشكيلها الإنثوي.