قال ضباط من جيش الغابون إنهم استولوا على السلطة أمس الأربعاء ووضعوا الرئيس علي بونجو رهن الإقامة الجبرية بعد أن أعلنت لجنة الانتخابات فوزه بولاية ثالثة. وظهر الضباط على شاشة التلفزيون خلال ليل الثلاثاء لإعلان إلغاء نتائج الانتخابات وإغلاق حدود البلاد وحل مؤسسات الدولة وقالو إنهم يمثلون جميع قوات الأمن والدفاع في الغابون. وخرج المئات إلى شوارع العاصمة ليبرفيل للاحتفال صباحاً بعد الإعلان الذي بثه التلفزيون خلال الليل والذي بدا أنه صُور من القصر الرئاسي وفقاً للقطات تلفزيونية. وفي بيان آخر على التلفزيون الرسمي قال ضباط الجيش إنهم احتجزوا بونجو الذي تولى السلطة في 2009 خلفاً لوالده عمر بونجو بعد أن ظل يحكم البلاد منذ عام 1967. ويقول معارضون إن هذه العائلة لم تقم بالكثير لمشاركة ثروة البلاد النفطية والتعدينية مع المواطنين البالغ عددهم نحو 2.3 مليون نسمة. وإذا نجح هذا الانقلاب فإنه سيكون الثامن في غرب ووسط أفريقيا منذ 2020. وكان أحدث انقلاب قد وقع في النيجر شهر يوليو كما استولى ضباط من الجيش على السلطة في مالي وغينيا وبوركينا فاسو وتشاد مبددين بذلك جميع المكاسب الديمقراطية التي تحققت منذ حقبة التسعينيات. وقال الضباط الذين قدموا أنفسهم بصفتهم أعضاء في لجنة الانتقال واستعادة المؤسسات، في بيان إن الغابون "تمر بأزمة مؤسسية وسياسية واقتصادية واجتماعية حادة" وأضافوا أن انتخابات 26 أغسطس افتقرت للشفافية والنزاهة. وقال مراسل لرويترز إن دوي أعيرة نارية سُمع في العاصمة ليبرفيل لفترة وجيزة بعد ظهور الضباط على التلفزيون وإعلانهم الإطاحة ببونجو. لكن الشوارع اتسمت بالهدوء إلى حد كبير قبل بدء احتفالات في الشوارع. وانتشرت عناصر من الشرطة لحراسة التقاطعات الرئيسية في المدينة. ولم يصدر حتى الآن تعليق من حكومة الغابون. وآخر مرة ظهر فيها الرئيس علي بونجو (64 عاماً) علناً كانت عندما أدلى بصوته في الانتخابات يوم السبت. كما ظهر علناً قبل التصويت وكان يبدو بصحة جيدة أكثر مما كان عليه في مرات ظهور نادرة على التلفزيون بدا فيها مجهداً بعد جلطة أصيب بها في 2019. وقالت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن إن بلادها تراقب الوضع في الغابون عن كثب. وفرنسا كانت الدولة المستعمرة سابقا للغابون. ويضفي هذا الانقلاب مزيداً من الغموض حول مستقبل وجود فرنسا في المنطقة. ولدى فرنسا نحو 350 جندياً في الغابون. وبعد انقلابي مالي وبوركينا فاسو طردت السلطات هناك القوات الفرنسية وسط موجة من الشعور المناهض لبلادهم كما ألغى قادة الانقلاب في النيجر أيضاً التفاهمات العسكرية مع فرنسا. وأعلن الناطق باسم الحكومة الفرنسية أوليفييه فيران الأربعاء أن باريس "تدين الانقلاب العسكري الجاري حالياً" في الغابون مشيراً إلى أن فرنسا "تراقب بانتباه شديد تطورات الوضع". وقال فيران خلال مؤتمر صحافي في ختام اجتماع مجلس الوزراء إن باريس "تؤكد مجدداً رغبتها بأن يتم احترام نتيجة الانتخابات حينما تعرف". ودعت وزارة الخارجية الصينية إلى حل الموقف في الغابون سلمياً وقالت إنه يجب الحفاظ على السلامة الشخصية لبونجو. وكان بونجو قد زار الصين في أبريل. وعبرت وزارة الخارجية الروسية عن قلقها من الوضع وقالت إنها تأمل في استقراره. منطقة مضطربة تقاتل النيجر ودول أخرى في منطقة الساحل الأفريقي حركات تمرد إسلامية نالت من الثقة في الحكومات الديمقراطية. والغابون التي تقع إلى الجنوب منها على ساحل الأطلسي لا تواجه ذات التحديات لكن انقلاباً هناك قد يشير إلى وجود المزيد من المؤشرات على تراجع عن المسار الديمقراطي في منطقة مضطربة. ويتنامى منذ فترة الاستياء من حكم عائلة بونجو القائم منذ 56 عاماً في الغابون العضو في منظمة أوبك. ونشبت اضطرابات شابها العنف بعد فوز بونجو في انتخابات 2016 كما تم إحباط محاولة انقلاب في 2019 بعد أشهر من إصابة الرئيس بجلطة وهو في الخارج مما أثار الشكوك حول قدرته على القيام بمهام الحكم. وكتب فرانسوا كونرادي الخبير البارز في الاقتصاد السياسي في أكسفورد إيكونوميكس في مذكرة "نعتقد أن الجنود سيريدون التمسك بالسلطة ويجرون حواراً وطنياً من نوع ما لصياغة دستور جديد في وقت يتخلصون فيه ممن يدينون بالولاء لنظام (بونجو)". وينتقد معارضون حكم عائلة بونجو إذ يقولون إنها أخفقت في توجيه ثروات البلاد النفطية والثروات الأخرى للتنمية بينما يعيش نحو ثلث السكان في فقر. وتنتج الغابون نحو 200 ألف برميل نفط يومياً أغلبها من حقول مستنزفة. وتعمل فيها شركات دولية من بينها توتال إنرجيز الفرنسية وبيرينكو البريطانية الفرنسية. وقالت شركة النفط الفرنسية العملاقة توتال إنرجيز اليوم الأربعاء إنها حشدت جهودها لضمان سلامة موظفيها وعملياتها في الغابون وأشارت إلى أن ذلك هو "أولويتها القصوى". وأعلنت شركة التعدين الفرنسية إراميت، التي لديها عمليات ضخمة لإنتاج المنجنيز في الغابون، اليوم الأربعاء إنها علقت كافة عملياتها في البلاد. وتصاعدت مخاوف في الغابون من حدوث اضطرابات بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والتشريعية التي أجريت يوم السبت، وسعى بونجو من خلالها لتمديد حكمه لولاية ثالثة بالتنافس مع 18 مرشحاً فيما ضغطت المعارضة من أجل التغيير. ورفض فريقه اتهامات بالتزوير. وأثار غياب المراقبين الدوليين وتعليق بث بعض وسائل الإعلام الأجنبية وقرار السلطات قطع خدمة الإنترنت وفرض حظر ليلي للتجوال في جميع أنحاء البلاد بعد الانتخابات مخاوف بشأن شفافية العملية الانتخابية. وقال الضباط إن مؤسسات الدولة التي أعلنوا حلها تشمل الحكومة ومجلس الشيوخ والجمعية الوطنية والمحكمة الدستورية ولجنة الانتخابات. وقال مراسل لرويترز إن الاتصال بالإنترنت عاد فيما يبدو في الغابون اليوم الأربعاء للمرة الأولى منذ التصويت الذي جرى يوم السبت بعد ساعات من إعلان الضباط الاستيلاء على السلطة. في وقت سابق من اليوم الأربعاء، قالت لجنة الانتخابات في الجابون إن بونجو فاز بفترة ثالثة في الانتخابات الرئاسية بعد حصوله على 64.27 بالمئة من الأصوات بينما حصل منافسه الرئيسي ألبرت أوندو أوسا على 30.77 بالمئة. وقالت الحكومة من قبل إن قطع خدمة الإنترنت وفرض حظر التجول ضروريان لمنع انتشار الأخبار الزائفة وحماية الأمن العام. وتراجعت السندات المقومة بالدولار في الجابون 14 سنتاً تقريباً اليوم الأربعاء قبل أن تعوض بعض الخسائر بالارتفاع بنحو سنتين.