توجه كثير من الشعراء إلى التعبير عن الشعور الخاطف والإحساس المار مرور الكرام ، بالبيت والبيتين والثلاثة على الأكثر ، ثم يتجاوز الشاعر هذا الشعور والتعبير عنه مكتفيا بما قدم ، لينصرف إلى فكرة أخرى . والبيتان والثلاثة لا تعد قصيدة ، ومن الصعوبة أن يقال أنها حملت كثيرا من الصور الجمالية أو البلاغية والبيان وإن كان يقال في الشعر : أبيات أغنت عن قصيدة كما يقال في النثر : كلمة أغنت عن مقال أو كتاب. وإذا قلنا: خير الكلام ما قل ودل ، والاختصار خير من الزيادة ، كما أن الإيجاز أسرع في إيصال المراد من الطول والإسهاب والإطناب ، فهذا لا يعني أن يكون الشاعر قصير النفس فيما بعد ، باعتبار المتلقي يريد هذا في وقت السرعة الذي نعيشه ، والشاعر يعتاد هذا الأسلوب شاء أم لم يشأ ، مما يرسخه في الساحة الشعرية أسلوبا فيكون هو الأصل و المعتاد ، مما يفقد الشعر الكثير من ميزاته وخصائصه فيختزل في مهمة إيصال فكرة مجردة من محسنات الأداء وبلاغة اللغة وبيانها ، تلك المحسنات التي لولاها لم يكن للشعر عن النثر فارق وميزة. فالشاعر عندما يقدم ابياتا معدودة ، ويكتفي بإيصال فكرته ، تختفي جل مواهبه في تقديم البراعة في البيان والصور الجمالية و يحرق فكرته التي لو مرت بمخيلة شاعر الأمس صنع منها العجائب وأظهرها في ثياب بيانية غاية في الجمال ، وأبدع في مفرداتها وسبكها وحبكها وتراكيبها وصورها وخياله فيها، ولم يقتصر على بيتين أو ثلاثة ، واعتبر ذلك هدرا في تقديم الأفكار . ومن الشعراء من جمع بين هذا وذاك في إنتاجه الشعري نظرا لغزارة ما لديه ورغبته في طرح إنتاجه ، فهو بارع في تقديم المطول من القصائد ، والمقتضب منها والموجز ، مراعيا ظروف المتلقي وما يناسبه ويناسب وقتنا الحاضر الذي قد يتطلب ذلك. يقول الشاعر فهد بن إبراهيم المفرج .التميمي: كانك على المخلوق علّقت الآمال اصبحت عبدٍ له بدون اعتراضي تصبر على ما تكره النفس والحال وعن ما ترى عينك تكون متغاضي وتمشي على كيفه على عقل وهبال لين السواد يصير عندك بياضي ان انبسط خلاك في عالي العال وان انزعج ضيّق عليك الاراضي تقبل وتقفي بين همٍّ وغربال لا مزنةٍ هلّت ولا برق ناضي قدامك القبلة من الجال للجال عوضك من فيه البخيت استعاضي بيديه تقدير العطايا والاجال وان جا له المحتاج ما راح فاضي ويقول الشاعر أحمد بن عبد الرحمن العريفي « نديم المجرة « : قولوا لرعيان الغنم لاينامون أشوف بالمرعى مواطي ذيابة قولوا لهم خوذوا الحذر لاتغفلون كم غافلٍ أصبح حلاله نهابة وقولوا الذيابة بالغداري يغيرون والجوع ينْسيها الخطر و المهابة والذيب مايومن على ما يقولون يغرس بأرقاب الفرايس إنيابه تلقون ضرب إنيابها كنّها طعون وجر المخالب مثل جر الحرابة أشوف أشياءٍ لها ما تشوفون تغيب عن بعض العقول النجابة اقول قولي و الخلايق يعرفون خير الملا من قبلنا قد حكى به لابد ما يومٍ إلى الله تعودون و كلٍ يبي يُسأل عن اللي رعى به اللي رعوا بالشر للشر يجنون واللي رعى بالخير يجني ثوابه ويقول الشاعر مهنا السعدي الأكلبي انا كيف اعدل مايل الناس والمنعاج وانا فيني عيوبً تبي من يعدلها انا ليش اعرض نفسي النقد والاحراج وش لي في الاوادم معتدلها ومايلها وانا ليش أجي للناس سبة قلق وازعاج ليش اشغل حياتي في المخاليق واشغلها مانيب الرسول اللي سرى ليلة المعراج ولا نيب خلاق الاوادم وكافلها ولالي على كل البشر سلطة الحجاج على شان روس اللي عصوا الامر اجندلها لقيت ان بعدي عن غثا الناس فيه علاج هواة المجادل تتعب اللي يجادلها خليت الحياد وترك نقد البشر منهاج وذي سيرة مهما حصل ماتبدلها ويحط الله لراعي الوفا دايم مخراج واصحاب الردى تطيح باسوا عمايلها وجمال الرجل في لين جانب وطلق حجاج ويحفظ لصناع الجمايل جمايلها وجيه الحريم تزين بالكحل والمكياج ووجيه الرجال تزين باجمل فعايلها فهد إبراهيم المفرج أحمد عبدالرحمن العريفي مهنا السعدي الأكلبي ناصر الحميضي