رواية «أرض تسير نائمة» للروائي الموزمبيقي ميا كوتو، بترجمة مارك جمال، وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر العالمية. كما حصل الكاتب على عدد من أرفع الجوائز الأدبية، ومنها جائزة نيوستاد الدولية، وجائزة الاتحاد اللاتيني، وجائزة كامويش، اختيرت الرواية واحدة من أفضل الروايات في تاريخ القارة السمراء، كما وصفت ب»ألف ليلة وليلة الإفريقية». رواية تحملنا إلى فضاءاتٍ فوق الواقعية، حيث تتخذ من اللاواقعي إطاراً للتعبير عن الواقعي، وتعرفنا بالثقافة الموزمبيقية، من خلال الإشارات إلى الأساطير الموزمبيقية والفولكلور والجوانب الأخرى للثقافة، كذلك هي رواية عن الحرب والظلم والأحلام، وهي بحسب تقديم دار الآداب: «تمثل واقعاً يماثل الأحلام غرابة، ويضاهي الكوابيس قسوة». تعيدنا الرواية إلى سبعينات القرن الماضي، في أرض أُنهكت وانتهكت، عندما اندلعت حرب الاستقلال في موزمبيق ضد الاستعمار البرتغالي، وكانت النتيجة حرباً أهلية أدخلت البلاد في دوامة من الفوضى العارمة، كيف تنجو البلاد بعد الحروب الأهلية؟ كيف يعيش السكان ويتعايشون؟ كيف يأكلون؟ كيف يجدون أبسط الأشياء لكي يحيوا، «فالموت حبل يُحيط بشرايين المرء منذ ميلاده. يشد الزمن طرفي الحبل، فيخنقنا رويداً رويداً»، عندما تحل الحرب ببلد ما، يحل الحزن والتعاسة في كل مكان، يتبدل الضياء بالدم والجوع والألم، وما يزيد الشقاء أكثر هو أن من كان يقتلنا، هو من بني جنسنا، شخصاً ألفناه، حمل السلاح ليحمينا من المستعمر، وعندما غاب المستعمر، حمل السلاح ليقتلنا. «الحرب كوبرا تلدغنا بأنيابنا نحن، ولقد سرى سُمَّها إلى أنهار روحنا جميعًا. فما عُدنا نخرج نهارًا، ولا عُدنا نحلم ليلًا. إنما الحلم عين الحياة، ونحن قد صرنا عميان». تأخذنا هذه الرواية التاريخية إلى طريقين، ممهدان بالفانتازيا والخوارق السحرية، التي ليست بغريبة على القارة السمراء، التي تعيش على الأساطير، ويؤمنوا بها، مما أضاف للرواية تأثيراً يبعدنا عن قتامة الأحداث الحقيقية. يُشكل الأول منهما إطاراً للثاني. «رواية داخل الرواية»، يتناوبان على روي الأحداث، ولكل طريق مساره ومصيره المستقل عن الآخر، ولكل منهما شخوصه وأحداثه وفضاؤه الروائي الخاص به. الطريق الأول للرواية يتمثل بقصة صبي صغير ورجل كبير في السن حاولا الهروب من الحرب، والبحث عن مكانٍ آمن، من الاحتماء في حافلة محترقة وكأنها «نصب تذكاري للحرب»، واتخاذها مكاناً لإقامة مؤقتة بعد تنظيفها من الجثث المتفحّمة. «من لا يملك شيئًا لا يحسده الآخرون. وخيرُ حارسٍ ألّا يملك المرء بابًا»، يتجولان كل يوم بحثًا عن الطعام وتجنب المسلحين، وأثناء التجول يجد الصبي دفتر يوميات يخص أحد الركاب المتوفين، ليقرأ الصبي كل ليلة فصلاً على الرجل العجوز، وهنا يبدأ الطريق الثاني للرواية من خلال إدخالات الدفتر اليومية الليلية مع تسلسلات حول أنشطتهم اليومية. «التحرّك في المكان نهاراً، والسفر في الزمان ليلاً». وينتهي السرد بوضع الصبيِّ العجوزَ على متن قارب ودفعه للتحرّر من حضن الأرض. الرواية هي أحد هذه الأعمال التي من المحتمل أن تثير إعجاب بعض القراء وتترك الآخرين يشعرون بالملل، فهي تحمل عدداً هائلاً من الشخصيات، يصعب على القارئ متابعتها، وخصوصاً أن أهميتها داخل القصة نفسها معقدة.