تقول حكومة رئيس وزراء السويد أنها ستدرس ما إذا كان هناك سبب لتغيير قانون النظام العام لتمكين الشرطة من منع حرق المصاحف. تلك عبارة رمادية مطاطة، وقريب منها خبر يقول: سلطات الدانمارك تدرس (سبلاً) لمنع تظاهرات يتخللها تدنيس القرآن. العبارة الأولى تقول: (ما إذا كان هناك سبب) يعني أن حرق القرآن الكريم ليس في نظرهم سبباً كافياً يبرر تغيير القانون بحيث يسمح للشرطة بمنع عملية الحرق! العبارة الثانية تقول: سلطات الدانمارك تدرس (سبلاً) لمنع تظاهرات يتخللها تدنيس القرآن! يعني أن جريمة حرق القرآن تتطلب دراسة السبل الكفيلة بمنع التظاهرات التي يتخللها تدنيس القرآن! رئيسة الوزراء في الدنمارك تضيف إلى (قال ولم يقل) تصريحاً تقول فيه: (إن أي فرض محتمل على حرق القرآن في البلاد لن يحد من حرية التعبير)، المتلقي يتساءل: ما المنطق في ربط حرق القرآن بحرية التعبير؟! المتلقي يقول أيضاً أن تلك التصريحات لا تعبر عن حلول أو مواقف واضحة، هي مجرد هروب من أصل المشكلة ومحاولة للتهدئة واستسلام للفكر المتطرف بمبرر حرية التعبير! تلك التصريحات هي من نوع (قال ولم يقل). مثل هذه العبارات لا تضيف شيئاً بل تزيد الأمر سوءاً لأنها تنطوي على شيء من الاستهتار بقضية بالغة الأهمية فتتعامل معها بكلمات جامدة، وقوانين تعاقب من ينتقد المثليين ولا تعاقب من يحرق القرآن! استخدام العبارات الغامضة يمكن أن يوصف بأنه فن ومهارة في التعبير عن مواقف لم تحسم، أو لإدخال المتلقي في طريق بلا هدف، ومن أشهر العبارات الغامضة التصريحات السياسية التي تعبر عن القلق. على هذا المنوال يمكننا أن نقول على سبيل المثال: سوف ندرس إمكانية دراسة الدراسة السابقة حول إمكانية البحث عن مخرج يدخلنا ساحة الحلول! تنطبق مقولة (قال ولم يقل) على أولئك الذين يصرحون بآراء تضر بالعلاقات بين الدول، وحين تأتي ردود أفعال القوية على تلك التصريحات يتراجع صاحب التصريح ويقول: أنا لم أقل ذلك، هناك من حرف تصريحي! ويندرج تحت ذلك الحديث عن توقعات المستقبل، ومن أمثلتها تحديد مجلس الوزراء البريطاني أبرز ثلاثة مخاطر ستواجه المملكة المتحدة مستقبلاً وهي: الذكاء الاصطناعي والوباء والطقس. إلى هنا والكلام واضح، لكن التوضيح (المرن) جاء من نائب رئيس الوزراء الذي قال: (ليس من المفترض أن يكون هذا مثيراً للقلق، فهذا يتعلق بأسوأ السيناريوهات المعقولة، بحيث يمكن للشركات والمنظمات من الصليب الأحمر إلى الحكومة المحلية أن تخطط وفقاً لذلك)، وعليك أيها المتلقي أن تفسر ما سبق وألا تسيء الفهم، لا تستعجل عليك أن تنتظر التوضيح أو النفي أو الاعتذار.