أبت البطولة العربية أن يكون ختامها إلا مسكًا لما سبق من أدوارها بعد أن جمعت النصر بالهلال. نصر وهلال على أغلى الكؤوس والبطولات كأس الملك سلمان، هذه حقيقة وليست حلماً، وما أجمله من نهائي! وما أجمله من ختام لبطولة عشنا معها أجمل لحظاتها! نهائي طرفاه النصر والهلال وعلى كأس غالية في قيمتها المعنوية والمادية. النصر الطرف الأول في هذا المساء والذي عبر دور المجموعات كوصيف، استطاع أن يقدم في كل اللقاءات التي خاضها في الأدوار الإقصائية أداء مذهلاً مصحوبًا بنتائج إيجابية متصاعدة ومطمئنة لعشاقه وأنصاره، بعد أن قضى على بطل البطولة في نسختها السابقة الرجاء الرياضي المغربي في وقت مبكر من اللقاء ليتسيد ما تبقى من دقائقه مقدمًا متعة كروية لعشاقه، وفي الدور نصف النهائي أقصى شرطة العراق الذي دخل متماسكًا ومقاتلاً عن شباكة بعشرة لاعبين، كان همهم الأكبر ومن خلفهم مدربهم المتحمس جدًا ألا يسجل النصر..! رهان عشاق النصر هذا المساء لتطويع البطولة المستعصية منذُ عقود طويلة على كوكبة النجوم التي تعج بها صفوفه والتي يتقدمها بالتأكيد هداف البطولة بأربعة أهداف، ومن قاده للوصول لهذا النهائي المنتظر في كل الأدوار السابقة بأهدافه الحاسمة، أحد أفضل من أنجبتهم المستديرة عبر تاريخها الطويل البرتغالي (Cristiano Ronaldo)، ومربع الوسط المقاتل والمفكر في نفس الحال الكرواتي (Marcelo Brozović) والسنغالي (Sadio Mané) والعاجي (Seko Fofana) والبرازيلي المتجدد(Anderson Souza Conceição). الثقة النصراوية في مثل هذه الكوكبة من النجوم حق مشروع وطموح متوقع وإن كانت هفوات الدفاع الصفراء هاجس مقلق لا يمكن إغفاله، وهذه الهفوات الدفاعية هي ما يعاب حتى الآن على البرتغالي (Luís castro) الذي لم يستقر حتى إعداد وقت هذا المقال على ثنائي في عمق الدفاع بعد أن لعب في مواجهتي الأدوار الإقصائية بجميع عناصر الدفاع المقيدة في كشوفاته، حيث لعب بعبدالله مادو وعلي لاجامي، ثم استعان بعبدالإله العمري ومحمد فتيل، في تغييرات مستمرة أفقدت هذا المركز الحساس استقراره. هذه الهفوات القاتلة في عمق الدفاع النصراوي لا يمكن أن يغفل عنها مدرب خبير ومتمكن كالبرتغالي (Jorge Fernando Pinheiro de Jesus ) الذي يرى بأنها طريقه نحو شباك الشاب المتألق نواف العقيدي حتى وإن لعب فريقه بمهاجم وهمي كالبرازيلي (Malcom) أو بالمجتهد جدًا عبدالله الحمدان. الهلال الطرف الثاني في حفل هذا المساء وصل للنهائي بعد أن اجتاز الاتحاد، وقدم مباراة مختلفة عن كل المواجهات التي سبقتها في دور المجموعات؛ حيث شاهد الجميع هلالاً مختلفاً ثقة، وسيطرة، وتحكم، وقراءة مميزة للمنافس؛ حيث لعب على نقاط ضعفه مما مكنه من الهيمنة على المواجهة بكل اقتدار، وفي مواجهة نصف النهائي تغلب الهلال على كل الصعوبات التي واجهته من طرد مبكر لحارسه عبدالله المعيوف لمواجهة الضغط الشبابي المتواصل مواصلاً طريقه للنهائي في مشهد معتاد. رهان عشاق الهلال هذا المساء، كما يرددون ويتفاخرون دائمًا، ليس بجودة لاعبيه المحليين ولا بنجومه الأجانب الصربي (Sergej Milinković-Savić) والبرتغالي (Rúben Neves) والسنغالي (Kalidou Koulibaly) بل بهيبة الهلال التي يرى أنصاره وعشاقه بأنها لا تشترى بالمال، وبشخصيته، وعراقته، ومجده وإرثه التاريخي الذي بُني عبر عقود طويلة حتى أصبح مبدأ وأسلوب حياة لا يتغير. هذا الرهان الذي يرى عشاق الأزرق بأنه يتجلى في مثل هذه النهائيات التي جعلت الأزرق متفردًا ومتزعمًا بعدد الألقاب والبطولات، إلا أن غياب رأس الحربة الصريح يُهدد فاعلية الفريق في مثل هذه الليلة الفخمة بمسمى البطولة وقيمتها المعنوية والمادية. الصربي (Sergej Milinković-Savić) جوهرة حقيقية يأسر القلب والعين بأناقة أدائه، والبرتغالي (Rúben Neves) مقاتل شجاع لا يقل عنه نجومية وموهبة. مثل هذه النوعية من الصفقات يُقال عنها (مال حلال)، ثنائي قتالي لا يبحث عن الاستعراض ويلعب من أجل الفريق وحسب ظروفه، ومواجهة الاتحاد والهلال إثبات على ذلك. فاصلة: وسط العاصة الإيطالية روما كُتب على جدار الفاتيكان «سيغفر الله للجميع إلا باجيو» بسبب إهداره لركلة ترجيحية حاسمة بمونديال 1994م، سببت حزناً عميقاً للإيطاليين، فمن سيكون «باجيو» آخر هذا المساء؟