"طبب التاريخية" تحمل إرثاً تراثياً وثقافياً وأصالةً حضارية وعراقةً تاريخية ووجهةً سياحيةً مهمة، وصلت حداثتها إلى ترشيحها للدخول في مسابقة أفضل الأماكن السياحية في العالم من "منظمة اليونسكو، وتستحق اليوم دعماً كبيراً بأنّ تكون طبب "محافظةً" متكاملة وتنال اهتماماً كبيراً.. "طبب" بلدة سعودية في منطقة عسير، تقع في الشمال الغربي من مدينة أبها على بعد 25 كم، ذكرها الهمداني في صفة جزيرة العرب في العقد الرابع من القرن الرابع الهجري كإحدى حواضر عسير وأوديتها الرئيسة. عندما تحالف الأميران محمد بن عامر أبو نقطة وأخوه عبدالوهاب بن عامر أبو نقطة أمراء قبيلة عسير مع أئمة آل سعود ذاع صيت "طبب" فأصبحت العاصمة السياسية والثقافية والاقتصادية الأولى ليس فقط ل"قبيلة عسير" وإنما أصبحت "طبب" حينها عاصمة "لمنطقة عسير" كاملةً بحدودها القديمة بسبب أن آل أبو نقطة المتحمي أمراء عسير ينتسبون لقبيلة عسير، ومن عاصمتهم "طبب" مدّت الدولة السعودية الأولى كامل نفوذها على كامل مناطق جنوب وجنوبي غربي الجزيرة العربية وأصبحت طبب المدينة الأولى والعاصمة الأولى في عسير والموثقة تأريخياً. تضم طبب حالياً عدة مواقع تاريخية وتراثية مهمة، أبرزها "مسجد طبب" والذي لا يُعرف تاريخ بنائه، ويظهر من تصميمه أنه منذ عصر صدر الإسلام، وكان يلقي فيه الأميران محمد وعبد الوهاب ابنا عامر أبو نقطة المتحمي دروس الدعوة السلفية، كما تشمل بلدة طبب التاريخية قلاع آل أبو نقطة المتحمي إحدى أهم الوجهات السياحة حالياً. تبرز قصور آل أبو نقطة المتحمي، والمطلة على ضفاف وادي تهلل، كأحد أهم قصور قرية طبب التاريخية، وتتكون من 6 مواقع مبنية من حجارة الجبال الصخرية، وهي متباينة الارتفاع بمساحة 4 آلاف متر، فيما تبرز جمالية نوافذها وحواف قصورها العليا باللون الأبيض المنسجم مع السحاب الذي يفاجئ الزوار من حين لآخر! حيث تتكون من ستة حصون وقصور وملاحقها، وهي قصر نايد، وحصن مصنف، ومجلس عسير، والقصر الشرقي، والقصر البحري وهناك ملاهب الجار والضيف، ومَرابط الخيل، وحظائر الأنعام، والحصير الداخلي، ومدافن الحبوب والجرين اليماني. كما يمكن مشاهدة "المدافن الثمانية" المبنية في جوف الجبل الصخري، والتي استخدمها الأهالي قديمًا لتخزين وحفظ الحبوب، تتميز الصخور بعدم امتصاصها للمياه أثناء سقوط الأمطار، ويمتد عمقها إلى 3 أمتار، بينما يصل عرضها إلى 16م، وعمرها الزمني غير معروف وهي محل اهتمام هيئة التراث لتحديد عمرها الزمني بطرق علمية. تتميز القصور بمرافق متنوعة، منها مطاعم ذات جلسات خارجية مطلة على القرية ومزارعها، ومقاهٍ محلية وعالمية، ومتاجر للحصول على الهدايا التذكارية، ومخبز لتذوق الخبزة الجنوبية الطازجة من التنور الحارّ، مع تجربة سكن مختلفة في قصور آل أبو نقطة المتحمي، حيث الحجز في أحد أجنحتها المهيئة لقضاء لحظات تعرف طريقها جيداً للذاكرة وعبق الأصالة والتاريخ! وفي نفس المنعطف، قد يتساءل المهتم ما السبب لقيام أبناء وأحفاد هذه الأسرة الكريمة وبالأخص الابن البّار بطبب التاريخية العميد المتقاعد سعيد بن سعود أبو نقطة المتحمي، بترميم ما تبقى من قلاعهم التي لها ولأصحابها الأولين شامةً في تكوين وبناء وتأسيس تاريخ هذا الوطن العظيم..؟ وقد أجابني على تساؤلي بأسباب تاريخية واجتماعية وإدارية مواكبةً لرؤية سمو ولي العهد 2030، والتي نستمد منها كل رؤانا، حيث يسرد هنا رئيس مجلس إدارة مركز آل أبو نقطة المتحمي وطبب التاريخية سعيد المتحمي.. "تعرضت طبب لأول هجمة غازية عثمانية بقيادة محمد علي باشا بنفسه عام 1229ه، وهي أول حملة تدخل عمق الجزيرة العربية في التاريخ بهدف إسقاط وإنهاء "طبب" وأمراء منطقة عسير، لعلمه الأكيد أن "طبب" كانت الذراع الأيمن والأقوى لمدّ نفوذ الدولة السعودية الأولى بأقوى الحملات، وهذا الحدث ودخول محمد علي باشا تحديداً وحضوره إلى "طبب"، حيث لم يقم أي باحث ولا جهة علمية بذكره أبداً، ولا ذكر تفاصيله ولا حتى الروايات الشفاهية التي لا تزال داخل قلوب وعقول أهل المنطقة، وثانياً من أجل إبراز التاريخ والقصص والحكايات التي شارك فيها ببسالة وإخلاص أهالي منطقة عسير بقيادة أمراء عسير آل أبو نقطة المتحمي وتعتبر هذه الأحداث مفصلية غيّرت التاريخ والجغرافيا في كامل الجزيرة العربية، ثالثاً كان وجوب وأهمية تصحيح التشويه والتزييف الذي طال تاريخ عسير وسلب الأحياء قبل الأموات والأبطال حقوقهم، حيث تعرضت عسير وأبناؤها لحملة تشويه مُنظمة قام عليها أعداء السعودية بطريقة شوهت الذاكرة الشعبية والتاريخية وسلبت حقوق وبطولات أهلها، وأهملتها وطعنت فيهم، وأنكرت ولاءهم وانتماءهم لهذا البلد الطاهر وللقيادة الرشيدة الحكيمة، ومن أهم الأهداف التي لا يمكن إغفالها أيضاً الدعوات الصادقة واللّهج بالدعاء لمن قام ببناء قلاع آل أبو نقطة ومن سكنها ومن دخلها ومن نظر إليها ومن مر بجوارها.." "طبب التاريخية" تحمل إرثاً تراثياً وثقافياً وحضارياً وتاريخياً ووجهةً سياحيةً مهمة، وصلت حداثتها إلى ترشيحها للدخول في مسابقة أفضل الأماكن السياحية في العالم من منظمة اليونسكو، وتستحق اليوم دعماً كبيراً من وزارة الثقافة ووزارة السياحة، وعلى مستوى المناطق تستحق أنّ تكون طبب "محافظةً" متكاملة وتنال اهتماماً كبيراً، لاسيما بدعمٍ من أمير منطقة عسير الأمير تركي بن طلال والذي يولي اهتمامه للمنطقة وتراثها وحضارتها، والذي قال عنها في حديثه عند إعلان استراتيجية هيئة تطوير عسير والانسجام بين الحداثة مع الأصالة: " طبب هي عاصمة الدولة السعودية في عسير قبل 250 سنة أو ما يقارب ذلك، هي تجسد الأصالة بمعانيها الطيبة.. وقوتنا هي التمسك بالأصالة مع استحضار أفضل شيء في الحداثة وربطهما مع بعض".