مع صعودك لأعلى قمة الهضبة التي يتربع فوقها مسرح شقراء سيلفك السحر، وستبدو لك تلك الأضواء الخافتة أسفل درجات سلم الصعود وكأنها تقودك لمشاهدة بقايا مجد ولى لكنه يعود من جديد، وستلفك رهبة الجبل الذي يرقد المسرح في كنفه، وستشعر بمزيد من الرهبة وأنت تعبر تلك المساحة الفاصلة بين الخارج بما فيه من ضجيج، وبين الداخل بما فيه من جمال وتألق وانسيابية هادئة وسكون. التفاصيل الصغيرة التي اعتنى بها صاحب هذا المشروع الضخم م. محمد سعد البواردي تنبئك إلى أي حد يمكن لعشق الوطن أن يفعله بالعاشق، فالمساحة الشاسعة أسفل القمة تتسع لعشرات بل لآلاف السيارات، والفخامة تزين كل مكان، حتى دورات المياه لم تخل من العناية، فاللون الوردي المريح للعين يميز الدورات الخاصة بالنساء، وليس فقط مجرد لافتة كما اعتادت كل الأماكن أن تفعل. الإعجاب به يحيط بكل من يراه من بعيد أو من قريب، حتى أن بعض من رأوه وتحدثت معهم قالوا إن الرومان والإغريق وجميع شعوب الأرض لم يتسن لهم بناء بهذا الجمال الباذخ، وقالوا بعد مشاهدتهم المسرح أن المهندس البواردي قدم للفن والثقافة والمجتمع بسخاء ما لم يقدمه أحد، وتمنوا من المجتمع وأهل الفن والمسؤولين عنه أن يستثمروا هذا الصرح جيداً. لكن من أين جاءت فكرة هذا المسرح الكبير؟ يقول المهندس محمد سعد البواردي: الفكرة راودتني بعدما شاهدت الناس يتجمعون للاحتفال بمناسبة اجتماعية وطنية في ملعب رياضي، ولم يعجبني المنظر لأن الملعب مخصص للكرة وليس للمناسبات الوطنية أو الاجتماعية». ومن هنا نبتت في ذهنه فكرة إنشاء مسرح ضخم في محافظة شقراء، يتسع لأكثر من 3000 شخص تقريباً. ربما ليزيل اللبس الحاصل لدى البعض من أنه ليس مسرحاً بالمعنى المتعارف عليه، فقال إن المشروع عبارة عن مكان تجمع لأهالي منطقة شقراء، ولأهل الوشم جميعاً، إذ يمكن استغلال المكان لإقامة المناسبات المختلفة، مثل عروض الأزياء، وحفلات التخرج، وحفلات الزواج. أي أنه عبارة عن مكان تجمع في الهواء الطلق. والآن بعد أن أوشك المسرح على الاكتمال بمبادرة كريمة من م. محمد سعد البواردي (عضو مجلس الشورى السابق)، يتوقع لهذا المسرح أن يصبح واحداً من أهم معالم شقراء، ومنطقة الوشم خاصة، ومنطقة الرياض والمملكة بصفة عامة، إذ جرى تصميمه على شكل حدوة حصان، وبناء مدرجاته من الحجر الخام الشبيهة بما كانت عليه المسارح القديمة التاريخية. ويشير هذا إلى أنه يتمتع بمواصفات رائعة وبجمال المنظر، ما سيكون له أثر في تنشيط السياحة الداخلية، والترويج لمحافظة شقراء، والتوافق مع رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى توفير أرقى سبل العيش، والترفيه وجودة الحياة. الحاجة.. أُم الاختراع وتعود تفاصيل الفكرة إلى مشهد قد يبدو للبعض من الأمور العادية، فقد دعا محافظ شقراء أ.عادل بن عبدالله البواردي، رجال الأعمال م. محمد البواردي وأ. عمر البليهد وأ. عبدالرحمن الفاضل وغيرهم من أهالي الوشم للمشاركة في احتفال شقراء باليوم الوطني "89" قبل أربع سنوات في إستاد نادي الوشم الرياضي، وحينها لاحظ المهندس محمد ضيق المكان، وقلة التجهيزات، والمشكلات التي يتعرض لها كبار السن عند الحضور للمشاركة في يوم الوطن. وتأثر بهذا المشهد، فقرر المبادرة بإنشاء المسرح، داعياً رئيس بلدية شقراء حينها م. عبدالمحسن الحمادي للوقوف على المشروع وهو مجرد فكرة، بمشاهدة نموذج مصغر لأحد المشاريع بمدينة الرياض، وكانت البداية وبعدها توالت الخطوات.. بدأ تنفيذ المسرح في أكتوبر 2019م، وقال، م. محمد سعد البواردي حينها إن المسرح الذي تكفل ببنائه في محافظة شقراء، يُعد وجهاً آخر للترفيه، ومتنفساً للأسر والأطفال، والشباب، ممن ستسعدهم تلك الأجواء التي تعيدهم إلى العصور القديمة. وتوقع البواردي أن يصبح المسرح من معالم شقراء ومنطقة الوشم بصفة عامة، إذ يمتاز بمنظر جميل من بُعد بالنهار، وإنارة متلألئة بالمساء. ويراه متسقاً مع الجهود الرسمية المبذولة للترفيه وجودة الحياة، إذ يوفر الأريحية للمشاهدين جلوساً ووقوفاً، ويتيح لهم التفاعل الجيد مع من هم على المسرح، وأكثر ما يميزه أنه بالهواء الطلق، حيث الأجواء الطبيعية، البعيدة، التي تحوي الكثير من الصفاء الروحي، وجمال المنظر، فضلاً عن اتساعه لقرابة 3000 شخص. وقدم وقتها رئيس بلدية محافظة شقراء السابق م. عبدالمحسن بن عبدالله الحمادي، شكره وتقديره للبواردي على تبنيه فكرة بناء المسرح وتكفله بتكلفة إنشائه وتجهيزه لإقامة المناسبات، والفعاليات المختلفة للمحافظة، وقال إنه أحد المشاريع المميزة التي تواكب تطلعات القيادة من خلال رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى توفير أرقى سبل العيش والترفيه لجعل الشعب السعودي من أميز شعوب الأرض وأكثرها سعادة.. وسبق أن قال عنه الأديب القدير د. إبراهيم بن عبدالرحمن التركي خلال زيارته لشقراء: المسرح دهشة بدءًا، وعلمٌ وفنٌ ومتعةٌ خبرًا ونعتًا وفاعلًا ومضافًا إليه بما يحتويه جمال النصوص وتجلي الشخوص وأداء أدوار الحياة وأدوائها بلغةٍ ميسرة وإيقاع مؤثرٍ وامتزاج ذوات بواقع، وتعبير حكايات بوقائع، ولأنه أبو الفنون فلعله يقود انطلاقة ثقافية لمدينتنا الجميلة (شقراء) ليكون عرّابها القادم عبر (مسرح المهندس محمد بن سعد البواردي للثقافة والفنون) الذي صنع لدينا الدهشة بجرأة تبنيه، وسخاء تصميمه ودقة تنفيذه؛ فكانت زيارتنا له موقع تأمل فإعجاب فتطلع، وسننتظر افتتاحه واستهلال أنشطته بعطاء مختلف ذي لون مشرق بالتميز المتوقع من شباب وفتيات شقراء لتعمَّ فعالياته الوطن من النفود إلى الأخدود". ويُضاف هذا العمل الثقافي والاجتماعي إلى قائمة أعمال م. محمد البواردي، صاحب المساهمات المتعددة تجاه الحفاظ على معالم شقراء الأثرية، ومنها "مسجد الحسيني" الذي يزيد عمره على (350) عاماً، وقد أسهم البواردي بإعادة تأهيله، إلى جانب "قليب الحسيني"، والمسقاة، وبيت المطوعة إدريسة، إضافة لترميم عدد من الحويطات، وباب العقدة وحجرة السكور ودار حشر ومجيلس البواريد وباب العقدة وغيرها من المعالم الأثرية المهمة التي تحتضنها شقراء. ويشير كل ذلك إلى حبه الجم للتراث والحفاظ عليه، وله مقولة جميلة تعكس هذا الحب، فيقول: إذا حبيت تنهي بلد.. أنهِ واطمس تراثها، ومن المتوقع أن تُقام في هذا المسرح احتفالات محافظة شقراء بيوم التأسيس والأعياد واليوم الوطني 93 بإذن الله حيث نبعت الفكرة في يومنا الوطني 89 ودام عزك يا وطن. أقيم المسرح في الهواء الطلق حيث الأجواء الطبيعية سمو أمين منطقة الرياض خلال زيارته للموقع سلطان البازعي خلال زيارته للموقع