يبدو أن الأمر هكذا فعلاً، فقطاع العقار السعودي على أعتاب مرحلة جديدة، تدعم مكانته، وتطور أداءه، وتجعل منه قطاعاً استثمارياً استثنائياً، قادراً على استيعاب أموال الشركات العقارية الكبرى، بجانب أموال صغار المستثمرين من المواطنين، الذين لطالما وثقوا في القطاع، باعتباره وعاءً استثمارياً مضموناً، يدير أموالهم بأمان تام، ويحقق عوائد مرضية. وتحت مظلة رؤية 2030، حظي القطاع بالكثير من الاهتمام من الجهات المختصة، وذلك تحت إشراف ومتابعة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إذ رأت تلك الجهات إمكانية أن يقوم القطاع بدور أكبر وأعظم مما هو عليه اليوم، فدعمته بالأنظمة والتشريعات اللازمة، التي تُعيد ترتيب أوراقه المبعثرة، وتدعم إيجابياته، وتتلافي سلبياته، وهذا ما رأيناه جميعاً متجسداً على أرض الواقع، وصولاً إلى موافقة مجلس الوزراء الموقر على نظام المساهمات العقارية، الذي أتوقع أن يسهم في إنعاش عمليات القطاع، ويجذب الاستثمارات إليه، والأهم من ذلك، تعزيز الشفافية في إدارة تلك المساهمات، وفق مبادئ ومسارات محددة، تضمن حقوق المساهمين العقاريين، كما تضمن استبعاد غير المؤهلين وفئة المتطفلين على قطاع العقار بشكل عام، والمساهمات العقارية بشكل خاص. ومن وجهة نظري، فإن نظام المساهمات العقارية الجديد، سيكون أحد أبرز الممكنات لتطوير القطاع العقاري وحوكمته، ورقمنة عملياته، وخدمة المستفيدين، بما يتوافق مع الإستراتيجية الشاملة للقطاع العقاري، ومبادراتها وأولوياتها؛ ليكون القطاع حيويًا وجاذبًا، ويجعل منه بيئة تنافسية جاذبة للاستثمار؛ بما يحقق للقطاع الإسهام في رفع الناتج المحلي، وتنوع مصادر الدخل. وهنا أجدني مضطراً للرجوع بالذاكرة إلى أكثر من ربع قرن من الزمان، حيث كانت المساهمات العقارية تنتعش في مناطق المملكة كافة، وتستقطب استثمارات المواطن الراغب في تشغيل أمواله، كبيرة كانت أم صغيرة، والخروج بأرباح ترضي طموحاته، وبقدر نجاح مساهمات في تحقيق التطلعات المرجوة، بقدر فشل مساهمات أخرى، فتعثرت، وتجمدت الاستثمارات سنوات وسنوات، وتعطلت مصالح المواطن، وهذا يرجع إلى ثغرات في الأنظمة التي كانت تدير تلك المساهمات، ولم تكن مكتملة، أما اليوم، فلا مجال لتكرار هذا التعثر من قريب أو بعيد، فالانظمة واضحة وشفافة، وقادرة على معالجة سلبيات الماضي، والخروج بمساهمات عقارية أكثر من ناحجة، تنعكس إيجاباً على المساهمين وعلى القطاع. أستطيع التأكيد على أن نظام المساهمات العقارية الجديد تمت دراسته جيداً من جميع الجوانب القانونية والاجتماعية والتشريعية والاستثمارية، بواسطة مختصين، يدركون تماماً ما تحتاج إليه تلك المساهمات من أنظمة وقوانين وتشريعات مُنظمة، تضمن سلاسة العمل فيها، وعدم تعثرها، كما تضمن الحقوق، وقد شارك في سن هذا النظام زملاء لي من أعضاء اللجنة العقارية للدورة السابعة عشر في غرفة الرياض، والدورات التي سبقتها، وتلتها، وهنا أوجه الشكر الجزيل لمعالي وزير البلديات ماجد الحقيل، ومعالي محافظ الهيئة العامة للعقار السابق عصام المبارك، ومعالي محافظ هيئة سوق المال محمد القوي، وكل من سعى في اعتماد هذا النظام من أعضاء مجلس الشورى ورجال اعمال وأعضاء لجان ومختصين.