حقق الاقتصاد السعودي نموا حقيقيا في الربع الأول من 2030، مما انعكس إيجابا على نمو الإيرادات الحكومية غير النفطية، وهنا يبرز أهمية نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي وارتباطه بنمو الإيرادات الحكومية، من خلال السياسات المالية والنقدية التوسعية وتوفير البيئة الاستثمارية والداعمة لمشاركة القطاع الخاص بشكل أكبر في إجمالي الناتج المحلي. كما أن الترابط الإيجابي بين الاقتصاد الكلي والجزئي يحسن أداء الاقتصاد في مجالات وقطاعات معينة، حيث إن كل منهما يكمل الآخر، وتؤثر المتغيرات الجزئية بقوة على المتغيرات الكلية والعكس صحيح، وبنموهما ينتعش الاقتصاد ككل ويزيد من الإيرادات الحكومية نحو مستقبل مزدهر. فإن النمو الاقتصادي هو المحرك الرئيس لمستويات الإيرادات الحكومية، خاصة الضريبية، في الأوقات التي ينمو فيها الاقتصاد بمعدلات نمو متصاعدة، هكذا ينظر صانعو السياسات والبنوك المركزية إلى الناتج المحلي الإجمالي للحكم على ما سوف يؤول إليه الاقتصاد من انكماش أو توسع، لاتخاذ الإجراءات اللازمة على الفور، كما يسمح لواضعي السياسات والاقتصاديين والشركات بتحليل تأثير المتغيرات المستجدة والسياسة النقدية والمالية واحتمالية حدوث صدمات اقتصادية أو تغيرات على المدى المتوسط والطويل، مثل ارتفاع أسعار النفط، أو الضرائب أو الإنفاق على مجموعات فرعية محددة من الاقتصاد، وكذلك الاقتصاد ككل، كما أن النمو الاقتصادي يزيد من الطلب على السلع والخدمات ويدعم القوة الشرائية، مما ينتج عنه المزيد من الإيرادات الحكومية غير النفطية وأرباح الشركات نحو المزيد من الاستثمارات وخفض معدلات البطالة. لقد نما إجمالي الناتج المحلي الحقيقي 3.9 % في الربع الأول/2023 عن الربع الأول/2022، ولكن ما يميز نمو هذا الربع هو قيادة الأنشطة غير النفطية للنمو الاقتصادي، بينما قادت الأنشطة النفطية النمو في نظيره من العام السابق، حيث نمت الأنشطة غير النفطية 5.8 % والخدمات الحكومية 4.9 %، بينما نمت الأنشطة النفطية فقط 1.3 % في الربع الأول/2023، منخفضة من نمو 20.3 % في الربع الأول/2022 على أساس سنوي. وتبعا لذلك نمت الإيرادات غير النفطية، والتي معظمها من الضرائب، 9 % إلى 102.339 مليار ريال في الربع الأول/2023 مقارنة بالربع الأول/2022، بينما انخفضت الإيرادات النفطية 3 % إلى 178,605 مليار ريال خلال نفس الفترة، ليبلغ إجمالي نمو الإيرادات 1 % على أساس سنوي، ولكن زيادة المصروفات 29 % إلى 283.885 مليار ريال تسبب في عجز قدره 2.910 مليار ريال في الربع الأول/2023 مقارنة بمثيله من العام الماضي. هذه التطورات تؤكد استمرارية السياسات التي تدعم النمو الاقتصادي وتنويعه والذي انعكس إيجاباً على الإيرادات غير النفطية من ضرائب ورسوم وغيرها، لذا تستهدف رؤية 2030 زيادة إجمالي الناتج المحلي إلى 6.4 تريليونات ريال بحلول 2030، وذلك بجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة والمحلية يما يتجاوز 12 تريليون ريال، مما سيضع الاقتصاد السعودي على قائمة أكبر 15 اقتصاداً عالمياً، وهذا سيقود إلى تحقيق مستهدفات الرؤية، بالوصول لإيرادات حكومية غير نفطية بقيمة (1) تريليون ريال سنويا، ونمو مشاركة الصادرات غير النفطية ب 50 % في إجمالي الناتج المحلي في 2030.