أعلنت المملكة العربية السعودية عن ميزانيتها الفعلية للعام 2022 والمستقبلية لعام 2023 الأربعاء الماضي، وكانت النتائج تفوق كل التوقعات والتقديرات السابقة، بل إنها إنجازات تاريخية لمستهدفات رؤية 2030، حيث تجاوزت الميزانية نقطة التسوية المالية (التوازن المالي) بين الإنفاق والإيرادات في 2022 مستبقة عام 2023 المستهدف نحو الاستدامة المالية، هكذا تكون العلاقة الترابطية بين المالية العامة والاقتصاد واضحة، فقد أدى نمو الاقتصاد القوي إلى تحسين الإيرادات الحكومية على المستويين النفطي وغير النفطي، بفائض مالي لم تشهده الميزانيات العامة السابقة منذ عام 2013، وهذا يؤكد مدى أهمية نمو مكونات الناتج المحلي الإجمالي (GDP) من إنفاق حكومي واستثمارات واستهلاك خاص وصافي صادرات، لأن نموها ينعكس إيجابا على معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي ويعظم الإيرادات العامة في مواجهة التحديات العالمية والصدمات الاقتصادية. رغم ما شهده الاقتصاد العالمي من ظروف معقدة منذ انتشار كوفيد -19 في 2020، وبدء الأزمة الجيوسياسية التي ما زالت تؤثر سلبا على أسواق النفط، وتباطؤ اقتصادي وركود محتمل في العالم المقبل. إن ارتفاع مدخلات الناتج الإجمالي المحلي في عام 2022، نتج عنها مخرجات اقتصادية كبيرة، بنمو اقتصادي هو الأعلى بين دول G20 ومنذ 2011 بمعدل 8.5 %، ليتجاوز إجمالي الناتج المحلي الاسمي 3.957 تريليونات ريال أو 1.055 تريليون دولار، وذلك لأول مرة في تاريخ المملكة. كما أوضحت وثيقة وزارة المالية أن الناتج المحلي الإجمالي الاسمي سيبلغ 3.869 تريليونات ريال أو 1.032 تريليون دولار في 2023؛ 3.966 تريليونات ريال أو 1.058 تريليون دولار في 2024، وبهذا سيحتل الاقتصاد السعودي مركزا متقدما بين مجموعة G20 وصولا إلى المركز ال15 الذي تستهدفه رؤية 2030. لقد كان الأداء الاقتصادي متميزا خلال الأرباع الثلاثة الماضية، حيث نمت الأنشطة النفطية وغير النفطية والحكومية بمعدلات بلغ متوسطها على أساس سنوي بالأسعار الثابتة: 19.1 %؛ 6 %؛ 2.4 % على التوالي، ولهذا ارتفعت إيرادات الميزانية إلى 1.234 تريليون ريال وبفائض 102 مليار ريال أو 2.6 % من الناتج المحلي الإجمالي في 2022، فيما ارتفع الإنفاق إلى 1.132 تريليون ريال. كما أنه من المتوقع أن تصل الإيرادات إلى 1.130 تريليون ريال في 2023 أي بفائض 16 مليار ريال، مقابل إنفاق 1.114 تريليون ريال، وبلغ الدين العام 24.9 % من الناتج المحلي الإجمالي والذي يعتبر جيدا نسبيا، مقارنة مع ديون أكبر اقتصاديات العالم، والذي سوف يتقلص في الأعوام المقبلة. وهذا ما قاله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود: «إنه روعي في ميزانية العام المالي المقبل ما تشهده المملكة من حراك تنموي شامل ومستدام، لتطوير القطاعات التنموية الواعدة، وتعزيز الدور المحوري للمواطن في التنمية الاقتصادية وتوفير الممكنات الكفيلة بالحفاظ على سبل العيش الكريم للمواطنين والمقيمين.» وأكده ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان آل سعود: «إن المواطن السعودي هو أعظم ما تملكه المملكة العربية السعودية للنجاح، فدور المواطن محوري في التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة، ويسهم بشكل مباشر في تحقيق الإنجازات والمضي قدماً في مختلف المجالات والقطاعات الواعدة».