يعمل الخيّرون على اكتشاف علاج لكلِّ ما يصيب الإنسان من داءٍ؛ ومنها الفيروسات التي تغزو خلايا الجسم، وتعمل على تدميرها، وهي مسؤولة عن التسبب في العديد من الأمراض، ومنها الإيدز والزُكام وحمَّى الإيبولا والهربس التناسلي والإنفلونزا والحصبة والجديري المائي والهربس النطاقي ومرض فيروس كورونا 2019 (كوفيد - 19). إلا أنّ هناك ما هو أشدُّ وأدهى وأنكى وآلم وأمر على المرءِ وأسرته ومجتمعه من تلكم الفيروسات، ألا وهي ما يُعرَف بالمُخدّرات؛ فهيَ تُخدّر العقل والجسم والحواس، فلا يُصبِح مُتعاطيها يُدرك من حوله أو ما يفعل أو ما هوَ سائرٌ إليه، يُضيع صحّته وماله وعقله وسمعته وكينونته، من خلالها يكونُ أسيرًا لبائعها ومروّجها، مُستعبدًا له، يجمع المال بكل طُرقه؛ ليبتاع تلكم السموم التي تصرفه عن الحياة، من خلالها يبتعدُ عن مُجَالَسِةِ الصالحين، أو هم ينفرون منه، يفرّط بعباداته وبعمله ودراسته وسمعته، يُخرّب بيته بيده، المُخدّرات أشدُّ فتكًا من تلكم الفيروسات؛ حتى الشرس منها؛ ذلك أنّها تفصل المتعاطي عن محيطه؛ من إخوة وأقارب وأصدقاء ومعارف، فيُجالس من على شاكلته ومن يسيرون به إلى مهاوي الردى، وهذا ما يبتغيه وينشده المُخَدِّرون؛ وهم المُستنبتون والزارعون والحاصدون والصانعون والمُصدّرون والمُهرّبون والمروجون ومن ورائهم من مافيات وميليشيات وقد تكونُ دولاً تقتاتُ وتعتاشُ على الإفساد في الأرض وتحويل البشر إلى هياكل عظمية فارغة من العقل والفهم والإدراك، ينساقون وراء أولئك المُخدّرون كالبهائم؛ بل أضل؛ جرّاء ما يتعاطونه من سمومٍ مُخدّرة مُفقدةٍ للوعي. المملكة العربية السعودية تُحارِب آفة المخدرات وتُجرّمُ المُخَدِّرين بكافة فئاتهم، وتبذل حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين جهودًا مُضنية للتصدي لتلكم الآفات بكل الوسائل، ووضعت الحوافز لمن يُرشِد ويدلُّ على أولئك المُخَدِّرون، وفتحت المستشفيات لمعالجة المُغَررِ بهم، وأطُلِقَ مشروع "نبراس" الذي يهدف للوقاية من المخدرات وإيجاد بيئة خالية منها؛ من خلال نشر ثقافة الوقاية عبر وسائل الإعلام المختلفة، لتعزيز القيم الإيجابية والتشجيع عليها، كما يهدف المشروع إلى الإسهام في الحد من انتشار المخدرات بين أفراد المجتمع، وتفعيل دور أفراد الأسرة في المجتمع بأهمية العمل الوقائي، وزيادة الوعي بأخطار المخدرات والمؤثرات العقلية. ينشد أولئك المُخدِّرون؛ الشباب من صغار السن، ويستهدفون المدارس والجامعات؛ ولذا على التعليم العام والجامعات دورٌ فاعل في محاربة هذه الفيروسات وهذه السموم؛ وذلك من خلالِ التعريف بها وبوسائلِ مروّجيها وفضح أكاذيبهم ومحاولة الإبلاغ عنهم؛ من خلالِ وسائل مكافحة المخدرات على الرقم 995. ومن الغني عن القول؛ أنّ غايات المُخَدِّرون قد تكون مادية؛ إلا أنّ غاياتهم المُستبطنة قد تكون أكبر وأبعد وأوسع من الهدفِ الماديّ؛ ألا وهو الإفساد؛ إفساد المُجتمع وتخريبه وهدمه من الداخل وجعل مجتمعه هياكل عظمية ينساقون وراء تلكم السموم، ويكونُ المجتمع معطّلاً غيرَ عامل، عالة على الدولةِ، فاقداً للحيوية؛ إذ إنّ المُخدرات والمُخَدِّرون أهدافهم استخدامها كحروبٍ جرثومية وفيسيولوجية؛ وهي من الحروبِ القذرة؛ أشبه ما تكون بالجمرةِ الخبيثة؛ إذ تُعطّل الحواس، وتُبذّر الأموال وتُهدِر الوقت، وتُعطّل التنمية. وليكون الشعار الدائم للمُجتمعات التي تبتغي الحياة وتنشدُ السعادة: لا للمخدرات.. نعم للحياة المُفعمة بالحيوية والرفاه.