تتكامل صور الفرح والابتهاج بمناسبة عيد الفطر المبارك، وتظهر بشكل جلي من خلال ممارسة أهالي منطقة نجران لفنونهم الشعبية، المستمدة جذورها من الماضي، والمستندة على موروث وطني زاخر بالعديد من الألوان الشعبية. وقديما كانت الفنون الشعبية تحضر في المناسبات الاجتماعية دون تنظيم أو ترتيب مسبق، ويمارسها الجميع، باعتبارها ضرورة مجتمعية تفرضها المناسبة، أما اليوم فقد اختصت بها فرق محترفة تتكون من مجموعة من الشباب المتمرس على أداء الفنون الشعبية بمهارة وإتقان، ومنها فن الزامل، والرزفة، والطبول، إضافةً إلى عروض الخيل. وتشتمل الفنون الشعبية النجرانية على ألوان شعبية عديدة منها فن الزامل ، وهو عبارة عن فن شعبي يتكون من صف طويل من الرجال المتشابكين الأيدي والمتراصين بالأكتف يسيرون بخطوات ثابتة وبشكل جماعي، بنفس النسق حتى يصلون إلى المكان المخصص للاحتفال، وهم يرددون أبيات شعرية تصف المناسبة، تتكون من شطرين، يردد خلالها نصف الصف شطر البيت الأول، فيما يردد النصف الآخر من الصف الشطر الثاني من البيت، في لحن شعبي متوافق مع المناسبة، وعند اقتراب الزامل من المستقبلين يبدأ عددا من الأشخاص بالركض بأساليب راقصة وهم يحملون الجنابي والخناجر أمام صف الزامل وهم يرفعون أقدامهم بطريقة متناسقة مع ثبات الجذع العلوي من الجسد، فيما يسمى بفن "الطورقة"، وقد يكون الزامل مصحوب في فترة الاحتفالات وفترات الأعياد بخيول راقصة، يمتطيها خيالة يحملون الجنابي والخناجر، ويرتدون الملابس التراثية الشعبية والمعروفة بالمذيل. ويأتي بعد ذلك لون الرزفة وهو فن يعتمد على الإيقاعات الصوتية، وفيها ينقسم المؤدون إلى صفين متوازيين بشكل متراص كتفا إلى كتف ويرددون أبيات شعرية بألحان عذبة، ويكون ضمن الصف الأول في الرزفة شاعر أو راوي للشعر يلقنهم أبيات تتناسب مع المناسبة، حيث يبدأ الصف الأول بالشدو بالأبيات، ومن ثم يبدأ الصف الثاني بترديدها، ويعود الصف الأول بالترديد أو الانتقال إلى أبيات شعرية أخرى، ويستمر الصف الثاني في الترديد للأبيات، ويتقدم أحد الصفين إلى الأمام بدقات منتظمة من الأرجل حتى يقترب من الصف الثاني، ثم يعود للخلف على نفس الإيقاعات والدقات، وبين الصفين في المنتصف تماماً يقوم البعض بما يسمى "السعب" وهم يحملون "الجنبية" أو الخنجر، وأحياناً العصي، والبعض منهم يتميز بارتدائه الزي الشعبي النجراني المعروف بالمذيل، ويتحرك الراقصون بشكل متناغم مع الأهازيج واللحن. كما يُعد فن المثلوثة أحد الفنون الشعبية النجرانية المنتشرة في محافظاتنجران الشمالية، فهو فن يؤديه عدد من الرجال مشكلين نصف دائرة يتقدمهم شخص منفرد عنهم يسمى "المزيف" يتحركون تبعاً لخطواته في عدة أنماط متناسقة وذات إيقاع متناغم مرددين أبيات شعرية معينة بألحان جميلة وعذبة. ويسجل "فن المرافع" أو لعبة الطبول حضوراً رائعا خلال الاحتفالات اليومية في الأعياد والمناسبات العامة الأخرى، وهو من أشهر الرقصات النجرانية وأبدعها، إذ أنها الرقصة الوحيدة التي تدخل فيه كل الفنون الصوتية والحركية، ويبدأ عازفي الطبول بشكل جماعي بصف واحد مستقيم وهم يتحركون بصورة متناغمة، على وقع الطبول والطيران والدفوف فيما يشبه الزامل ولكن بألحان متناسقة مع العزف تحمل كلماتها طابعاً ترحيبياً بالحضور والتهنئة بالمناسبة، ومن ثُمَّ ينقسم الراقصون إلى صفين أحدهما يضرب الدفوف والآخر يضرب الطبول "المرافع"، ويتميز هذا اللون بالخفة والرشاقة، ويشكل صورة فنية جميلة. كما تشهد فترة الأعياد والمناسبات الخاصة والعامة في منطقة نجران إقبال أبناء المنطقة على مواقع الاحتفالات المخصصة ومضامير الخيل واحتشادهم لمشاهدة، "رقص الخيل"، واستعراضاتها المختلفة، ومنها مسيرة احتفالية تجوب ميدان الاحتفالات تؤديها الخيل العربية الأصيلة المزينة بالحلي المطرزة، يمتطي صهواتها خيالون يرتدون الأزياء الوطنية والشعبية التراثية ويتمنطقون بالجنابي والخناجر، وهم يلوحون بالسيوف بحركات ذات مهارة وخفة.