"اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني".. لا صوت يعلو فوق هذا الدعاء لملايين القاصدين الذين تدفقوا مبكراً للمسجد الحرام لقضاء ليلة 27 في المسجد الحرام اليوم الاثنين وهي إحدى الليالي المرجوة بأن تكون ليلة القدر. "الرياض" رصدت المشهد الروحاني للمسجد الحرام وساحاته والأحياء المجاورة التي امتلأت بالأعداد المليونية يبتغون العفو والغفران والعتق من النار. وتتهيأ الرئاسة لضمان انسيابية تحركات الحشود التي قد تبلغ أكثر من مليونين؛ بحسب تقديرات غير رسمية؛ نظرًا لما تشهده هذه الليلة من تدفق هائل وكبير من مئات الآلاف من القاصدين والزائرين للمسجد الحرام والمسجد النبوي، والذي شَهِدَ كثافات عالية جدًّا في الليالي الماضية، وأدت جموع غفيرة من المصلين والمعتمرين بالمسجد الحرام والمسجد النبوي صلاة التراويح والتهجد ليلة الخامس والعشرين، في أجواء إيمانية مفعمة بالدعاء والابتهالات والتضرع لله سبحانه وتعالى. وعلى مدى الليالي الماضية شهد المسجد الحرام إقبالاً كبيراً من المصلين، الذين يحرصون على اغتنام أوقاتهم بأداء الصلاة فيه وقراءة القرآن ومعايشة الأجواء الإيمانية الروحانية في هذه الليالي المباركة، رجاء الفوز بليلة القدر بأجرها المضاعف ودعواتها المستجابة، ليلة خير من ألف شهر، سلام هي حتى مطلع الفجر، وفي أنحاء الحرم المبارك ترتسم صور الوقار والانكسار والخضوع لله سبحانه وتعالى على وجوه الزوار والمصلين وسط أجواء مفعمة بالإيمان، وسط خدمات متكاملة، حيث هيأت القيادة كافة الخدمات وسعت لفك الازدحامات والتيسير على قاصدي المسجد الحرام من خلال العديد من المصليات بالمنطقة المحيطة بالحرم. وتابع الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ د. عبدالرحمن السديس، مرحلة التفويج، وضمان تنفيذ الخطط التشغيلية ميدانيًّا في المسجد الحرام، وهاتفيًّا مع قيادات المسجد النبوي؛ لضمان تطبيق الخطط المرسومة على أرض الواقع. وأنهت المنظومة الأمنية ورئاسة الحرمين والجهات ذات العلاقة بخدمة المعتمرين استعداداتها لتنفيذ خطة ليلة 27 من شهر رمضان المبارك، وفيما حشدت رئاسة الحرمين الآلاف من المنسوبين ضمن الفرق الميدانية التشغيلية؛ مستخدمة أفضل وأحدث التقنيات لخدمة الحرمين وقاصديهما وضبط خطة التفويج بانسيابية عالية والحيلولة دون حدوث اختناقات بتناغم كامل مع المنظومة الأمنية، عقد الشيخ السديس، سلسلة من الاجتماعات مع قيادات الرئاسة في الميدانية لتنفيذ الخطة الخاصة بإدارة الحشود والتفويج للقاصدين داخل المسجد الحرام بالتنسيق مع المنظومة الامنية لضمان انسيابية تدفق الحشود وتوفر الخدمات المعيارية للقاصدين. وقال الشيخ السديس: "إن القيادة الرشيدة تتابع لحظة بلحظة الاستعدادات لخدمة قاصدي الحرمين من بداية رمضان وتسخير الخدمات، وتذليل جميع الخدمات حتى يؤدوا مناسكهم في يسر وسهولة لا سيما في هذه الأيام المباركات التي يشهد الحرمان الشريفان فيهما كثافة عالية وإقبالاً كبيرًا من المعتمرين والمصلين والزائرين". وتابع الرئيس العام قائلاً: "تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين بتوفير أقصى درجات الراحة والاطمئنان للمعتمرين وزوار المسجد الحرام، أتمت الجهات المعنية بخدمة ضيوف الرحمن خلال شهر رمضان استعداداتها بنسبة 100 % لليلة السابع والعشرين من الشهر الكريم مؤكداً أن الرئاسة جاهزة ومتأهبة لاستقبال القاصدين في ليلة السابع والعشرين وفق الخطط المعدة بكامل الخدمات لراحة وطمأنينة قاصدي المسجد الحرام لكي يؤدوا نسكهم بكل يسر وسهولة". ووفرت الرئاسة آلاف العربات للسعي مجانًا للمحتاجين والعجزة وكبار السن، وخصصت ممرات لهذه العربات وفصلها عن حركة الأصحاء، كما تم تخصيص سلالم خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة، وتشغيل السلالم الكهربائية لنقل المصلين إلى الدور الثاني وسطح المسجد الحرام. ووزعت مياه زمزم المبردة من خلال الحافظات في جميع أروقة وادوار المسجد الحرام بالإضافة إلى توزيع مجمعات للمياه في الساحات تكثيف أعمال النظافة والسقيا زيادة عمال النظافة إلى أكثر على مدار الساعة لمواجهة الأعداد المتزايدة من المعتمرين وأيضاً المعتكفين الذين يقضون بمختلف المواقع بالمسجد الحرام وتقديم خدمة العربات المجانية. وتركز الخطة الخاصة بليلة 27 على زيادة أعداد عمال النظافة لرفع المخلفات أولاً بأول من خلال ورديات تعمل على مدار 24 ساعة، وتجهيز دورات المياه واستنفار جميع الوحدات والفرق الميدانية بنسبة 100 % لأداء مهامها وتنفيذ الخطط التفصيلية ورفع درجة الاستعداد إلى الحالة القصوى. وفي الجولة التي قامت بها "الرياض" في ساحات المسجد الحرام شاهدت مدير الأمن العام الفريق محمد البسامي، يقوم بجولة لتفقد الجنود الميدانيين داخل المسجد الحرام ومرافقه، وشملت الجولة صحن المطاف والمصليات المخصصة للنساء والرجال في مبنى المطاف وفي السطح، والمواقع المخصصة للمعتكفين والخدمات بها، وتضافرت جهود رئاسة الحرمين والجهات الأمنية المعنية بخدمة قاصدي بيت الله الحرام والتعاون بين الجميع في كل ما من شأنه تحقيق رؤى وتطلعات ولاة الأمر في الارتقاء بجودة الخدمات المقدمة. الجابري: غسل الأرضيات 10 مرات فيما قال مساعد الرئيس للشؤون الخدمية محمد الجابري، إن الرئاسة تقوم بعمليات التنظيف والتعقيم في جميع أنحاء المسجد الحرام، فضلاً عن غسل الأرضيات عشر مرات يومياً لضمان سلامة قاصدي البيت العتيق، وتطهير المصليات واستخدام الآليات والمعدات الحديثة عبر أكثر 12 ألف عامل وعاملة يومياً في المسجد الحرام، فيما قامت القطاعات المعنية بتكثيف العمل ومضاعفة الجهود لرفع مستوى الخدمات التي تقدمها لضيوف الرحمن، وتسهيل وتيسير الحركة المرورية، والحفاظ على الناحية الأمنية، والتركيز على أعمال النظافة والصيانة والتشغيل وصحة وحماية البيئة للمعتمرين والزوار. وأوضح وكيل الرئيس العام للتفويج وإدارة الحشود م. أسامة الحجيلي في تصريحات ل"الرياض" أنه تم التأهب والاستعداد لاستقبال المعتمرين والمصلين وتهيئة المسارات المخصصة لدخول صحن المطاف والمصليات، وتهيئة صحن المطاف والمسعى بخطط وإجراءات وآليات ممنهجة لإدارة الحشود، وُضعت مسبقاً لضمان سلامتهم ووصولهم إلى وجهاتهم بيسر وسهولة، مع ضمان وجود التنسيق والتواصل الفعال والمستمر مع جميع الجهات المعنية في المسجد الحرام، بما يسهم في نجاح إدارة الحشود الكبيرة لليلة السابع والعشرين وضبط خطة التفويج بانسيابية عالية والحيلولة دون حدوث اختناقات كي يؤدوا عباداتهم بخشوع واطمئنان، وتهدف خطط الوكالة بمساندة الجهات الحكومية والخاصة والتطوعية إلى احتواء التدفقات والحشود البشرية وتنظيم صفوفهم وتيسير الدخول والخروج، والحرص على تعقيم وتنظيف الحرم الشريف وسطحه وساحاته ومرافقه بالإضافة إلى توزيع العاملين على المواقع بأعداد كافية لتغطية الاحتياجات وتقديم أفضل الخدمات للزائرين والمصلين. وتتمحور خطة ليلة 27 في تعظيم التعاون والتنسيق بين الرئاسة العامة وقوة أمن الحرم وإدارة الحشود، حيث تتضافر جهودهم لتنظيم عملية الدخول والخروج من وإلى المسجد الحرام، ومنع الجلوس في الممرات المؤدية إليه، ومنع الدخول إلى المسجد الحرام عند الخروج من صلاة التراويح لفترة وجيزة حتى يتم خروج المصلين، تلافياً لحدوث أي ازدحام قد يحدث عند الأبواب. كما تعتمد مرتكزات الخطة على تطبيق أعلى معايير الجودة والتميز والإتقان، مدعوما بكوادر بشرية تصل لقرابة 12 ألف موظف وعامل من المؤهلين، كما أتاحت 8 آلاف فرصة تطوعية في 10 مجالات، وتحقيق أكثر من 200 ألف ساعة تطوعية خلال شهر رمضان المبارك، ليكون التطوع في الحرمين الشريفين من أكثر البيئات التطوعية المنظمة في العالم. جاهزية التوسعة الثالثة وأعلنت الرئاسة جاهزية التوسعة السعودية الثالثة بالمسجد الحرام لاستقبال المصلين من خلال منظومة من الخدمات الميدانية، والهندسية، والفنية، وتنفيذ الأعمال وفق خطط تشغيلية وكوادر بشرية من مهندسين وفنيين ومراقبين وعمالة، يعملون على مدار الساعة من أجل راحة وسلامة قاصدي المسجد الحرام. كما تم تنفيذ الخطط الخدمية الميدانية في أدوار مبنى التوسعة كافة، وتهيئة الساحات من جميع المحاور والممرات للقادمين من أنفاق جرول، وجبل الكعبة، حسب الخطط المعدة، إضافة إلى تكثيف عمليات النظافة والتعطير على مدار الساعة والتأكد من تشغيل مشربيات ماء زمزم المبارك وتأمين الحافظات، وتجهيز الأبواب وتأمين السجاد في المصليات، وكذلك الاهتمام بجميع الجوانب الهندسية والفنية بالتوسعة السعودية الثالثة، وتشغيل المصاعد والسلالم الكهربائية وتشغيل نظام التكييف وفق معايير تراعي درجات حرارة الجو، ونقاء الهواء، إضافة إلى تشغيل نظام الإضاءة الداخلية والخارجية وكل أنظمة الصوت وفعاليته. أجواء روحانية انسيابية تحركات الحشود متابعة ميدانية