شدّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال زيارة إلى هولندا، على أنّ التحالف مع الولايات المتّحدة لا يعني «التبعية» لها، مؤكّداً تمسّكه بتصريحات مثيرة للجدل أدلى بها بشأن تايوان. وقال الرئيس الفرنسي في مؤتمر صحافي بعد اجتماع مع رئيس الوزراء الهولندي مارك روته في أمستردام «أن تكون حليفًا لا يعني أن تكون تابعًا... ولا يعني أنّه لم يعد من حقّك أن يكون لك تفكيرك الخاص». وأضاف «ولا يعني أننا سنتبع أشخاصًا هم الأكثر تشددًا في بلد هو حليفنا»، في تلميح واضح للمسؤولين الأميركيين الجمهوريين، الذين يهاجمون الصين بشدّة. وكان الرئيس الفرنسي أثار استغراب الكثيرين في الولايات المتّحدة وأوروبا، بدعوته الاتّحاد الأوروبي إلى ألا يكون «تابعاً» لواشنطن أو بكين في قضية تايوان. وشدّد ماكرون على أنّ «موقف فرنسا والأوروبيين هو نفسه بالنسبة لتايوان: نحن مع الوضع القائم»، وأضاف «هذه السياسة ثابتة ولم تتغيّر». ودخل على خط انتقاد ماكرون الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الذي شنّ هجوماً لاذعاً على الرئيس الفرنسي، فقال إنّ «ماكرون، يتذلّل للصين». تعليقًا على ما قاله ترامب، اكتفى ماكرون بإبداء أسفه لما بدر من الملياردير الجمهوري، معتبراً أنّه يساهم في «تصعيد» الموقف. وقال ماكرون «عندما كان رئيساً لم أكن أعلّق على عباراته، لن أفعل ذلك اليوم بعدما لم يعد رئيساً». قبول إثارة الجدل أحيانًا في وقت سابق، واجه الرئيس الفرنسي احتجاجات في هولندا أوقف خلالها شخصان، لدى وصوله إلى جامعة أمستردام، شدّد بعدها على ضرورة «قبول إثارة الجدل أحيانًا» من أجل «بناء مسارات للمستقبل». وقال أمام الجالية الفرنسية في أمستردام «في هولندا كما في فرنسا، تجري إصلاحات صعبة تتسبب أحيانًا بخروج تظاهرات (تنمّ عن) مخاوف بسبب تغيّرات الزمن». وأضاف «علينا قبول إثارة الجدل أحيانًا، ويجب محاولة بناء مسارات للمستقبل». وفي زيارة الدولة التي تُعدّ الأولى لرئيس فرنسي إلى هولندا منذ 23 عامًا، حاول عشرات المتظاهرين عرقلة تحرّكات ماكرون. أوقف متظاهران هما رجل وامرأة، بتهمة «الإخلال بالنظام العام والتهديد» لأنهما «كانا يجريان باتجاه الرئيس» الفرنسي، حسبما أعلنت المتحدثة باسم شرطة أمستردام ليكس فان ليبرغن. وتُظهر لقطات تلفزيونية الرجل عند اعتراض مساره فجأة، وإلقائه بقوة أرضا بالقرب من ماكرون، الذي يواجه سلسلة احتجاجات واسعة في فرنسا ضدّ إصلاح نظام التقاعد. وهتف الرجل مرّتين «من أجل العمال، ونحن هنا حتى لو أن ماكرون لا يريد ذلك»، وهو شعار يكرره متظاهرون معارضون لماكرون في فرنسا. وقع الحادث بعد خروج الرئيس الفرنسي من سيارة ليموزين مع ملك هولندا فيليم ألكسندر، واستقبلته رئيسة بلدية أمستردام فيمكي هالسيما. وكان أحد المتظاهرين الموقوفين يرفع لافتة، حسب المتحدثة باسم الشرطة. رئيس العنف وكان نحو 40 متظاهرًا بانتظار ماكرون عند خروجه من الجامعة، حاملين لافتتَين إحداهما رُفعت وكُتب عليها «رئيس العنف والنفاق». وقدّم أحد المتظاهرين نفسه على أنه ليبرالي، وهو يدرس العلوم الاجتماعية في أمستردام. وأوضح أنه أراد التنديد ب»عنف» الشرطة خلال التظاهرات في فرنسا و»إفساد» زيارة ماكرون لهولندا. أمس، قاطع محتجّون ماكرون خلال إلقائه خطابًا في لاهاي حول مستقبل أوروبا قال فيه، إنه إذا كانت الديموقراطية مرادفة للحق في التظاهر، فإنها تتعرض أيضًا «للخطر» عند عدم احترام القانون. وتواجه الحكومة الفرنسية منذ بداية العام احتجاجات ضخمة على رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عامًا في فرنسا. وأحيا قرار ماكرون، باعتماد نصّ إصلاح نظام التقاعد دون تصويت في البرلمان، الحركة الاحتجاجية في فرنسا حيث تخللت بعض التظاهرات أعمال عنف. وقد زار الرئيس الفرنسي مع الملك الهولندي مختبر الفيزياء الكمّية بجامعة أمستردام، وهي تقنية فيزياء واعدة تهدف إلى زيادة قوة الحوسبة في الحواسيب. ووقعت الحكومتان الفرنسية والهولندية «ميثاق الابتكار» ويتضمّن إقامة تعاون في مجالات أشباه الموصلات والفيزياء الكمّية والطاقة، وهي مجالات يعمل الاتحاد الأوروبي على تعزيز استقلاليتها فيها. وتعمل الحكومتان أيضًا على وضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية دفاعية يتم الإعلان عنها بحلول العام 2024. في ختام الزيارة، توجه ماكرون وزوجته بريجيت، برفقة الملك الهولندي والملكة ماكسيما، إلى معرض فرمير في متحف ريكز في أمستردام.