أكد الرئيس الصيني شي جينبينغ في اليوم الثاني لزيارته الى موسكو، أن بكين ستواصل جعل العلاقات مع روسيا "أولوية" معتبراً أن البلدين "قوتان كبريان جارتان" و"شريكان استراتيجيان". وأعلن أنه دعا نظيره الروسي فلاديمير بوتين لزيارة الصين هذه السنة، في مؤشر إلى متانة الروابط بين البلدين اللذين يواجهان توتراً مع الغرب. وقال شي خلال لقاء مع رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين، قبل بدء جولة ثانية من المحادثات مع الرئيس الروسي "دعوت بالأمس الرئيس بوتين لزيارة الصين هذه السنة، في الوقت الذي يناسبه"، وفق ما نقلت وكالات الأنباء الروسية. وأضاف أن "رئيس الوزراء لي كيانغ، سيواصل إعطاء أولوية للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصينوروسيا".في خضم زيارة الرئيس الصيني، أعلنت شركة غازبروم الروسية العملاقة، عن تسليم شحنات يومية قياسية إلى بكين الاثنين، عبر خط أنابيب سيبيريا، الذي يمر في الشرق الأقصى الروسي باتجاه شمال شرق الصين. وقالت غازبروم في بيان، إنها سلمت الاثنين "الكميات المطلوبة وحققت رقماً قياسياً جديداً لإمدادات الغاز اليومية نحو الصين". ورداً على أسئلة الصحفيين حول الرقم الدقيق لهذه الكميات، أعلنت الشركة أنها "لا تقدم معلومات إضافية".ومن المتوقع أن يبحث شي وبوتين مجدداً النزاع في أوكرانيا، بعدما عرضت بكين الشهر الماضي مبادرة لوقف القتال، غير أن المحادثات ستتناول أيضاً التعاون بين البلدين، وترسيخ علاقاتهما الاقتصادية مع ترقب توقيع اتفاقات ثنائية.وتوفر زيارة الدولة التي يقوم بها شي لثلاثة أيام، فرصة للرئيس الروسي للظهور بجانب شريك مهم، في وقت يواجه عزلة في الغرب. وصدرت بحقه الأسبوع الماضي مذكرة توقيف عن المحكمة الجنائية الدولية في مسألة جرائم حرب.يأتي ذلك، فيما يزور رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا كييف.ويتوجه كيشيدا إلى العاصمة الأوكرانية، حيث يلتقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، على ما أعلنت طوكيو. وأفادت وزارة الخارجية اليابانية في بيان، أن كيشيدا "سينقل إلى الرئيس زيلينسكي احترامه لشجاعة ومثابرة الشعب الأوكراني، الذي يدافع عن وطنه بقيادته، كما سيعبّر عن التضامن والدعم المستمرّ لأوكرانيا من جانب اليابان، ومجموعة الدول السبع" التي تستضيف اليابان اجتماعاتها لهذا العام.وكيشيدا، هو الوحيد من بين قادة الدول السبع الذي لم يزر أوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لهذا البلد، في فبراير 2022. وسيكون أول رئيس حكومة ياباني يزور منطقة نزاع منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. "تغطية دبلوماسية" وانضمت طوكيو إلى العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، وأعلنت في فبراير عن مساعدة جديدة بقيمة 5,5 مليارات دولار (5,1 مليار يورو) لأوكرانيا. غير أن اليابان لم تقدم لكييف مساعدة عسكرية إذ أن ذلك محظور بموجب دستور البلاد السلمي. وعقد بوتين وشي، جلسة الاثنين استمرت أربع ساعات ونصف في أول لقاء غير رسمي بينهما في الكرملين. وقال بوتين متوجها إلى شي بوصفه "صديقي العزيز" في بداية اللقاء "أعرف أن لديكم موقفاً عادلاً ومتوازناً في المسائل الدولية الأكثر إلحاحاً". وقال إنه يدرس "باحترام" المبادرة التي طرحتها بكين من أجل السلام في أوكرانيا، مؤكداً أن روسياوالصين لديهما "الكثير من الأهداف" المشتركة. من جهته، أكد شي، خلال اللقاء أن بلاده "ستواصل لعب دور بناء" بحثا عن تسوية سياسية للنزاع في أوكرانيا، وفق ما نقلت وكالة "الصين الجديدة" للأنباء. وتطرح الصين نفسها في موقع الوسيط في أوكرانيا، وأصدرت في فبراير وثيقة من 12 نقطة تدعو إلى "وقف الأعمال العدائية" واحترام وحدة وسلامة أراضي جميع الدول، وتحض موسكو وكييف على الدخول في مفاوضات سلام. غير أن الدول الغربية تعتبر أن دعم بكينلموسكو لا يسمح لها بأن تكون وسيطا ذا مصداقية. واتهمت واشنطن مؤخراً السلطات الصينية بأنها تدرس تسليم أسلحة إلى روسيا، وهو ما نفته الصين بحزم. ويرى البعض في الغرب أن الصين قد تتخذ الهجوم الروسي على أوكرانيا نموذجا لشن هجوم على تايوان. وشكك وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بمقترحات بكين "للسلام" في أوكرانيا وقال "على العالم ألا ينخدع بأي قرار تكتيكي من جانب روسيا، بدعم من الصين أو أي دولة أخرى، بتجميد الحرب بشروطها". ولفت إلى أن شي، توجه إلى روسيا بعد ثلاثة أيام فقط على صدور مذكرة التوقيف بحق بوتين، معتبراً أن ذلك يثبت أنه لا يود "تحميل الرئيس (الروسي) مسؤولية الفظاعات التي ارتكبها في أوكرانيا". ورأى بلينكن أن هذه الزيارة "توفر غطاءً دبلوماسياً لروسيا، حتى تواصل ارتكاب جرائم كبرى". ودعت وزارة الخارجية الصينية الإثنين المحكمة الجنائية الدولية إلى تفادي "التسييس" واحترام حصانة رؤساء الدول. وزن جيوسياسي ورأى الخبير الفرنسي في الدبلوماسية الصينية أنطوان بونداز، أن بكين تريد في الملف الأوكراني الترويج ل"صورة لها كعامل استقرار، وخصوصاً لدى الدول غير الغربية" مع السعي ل"الطعن في شرعية الأنظمة الديموقراطية". وتعمل بكينوموسكو في السنوات الأخيرة على طرح نفسيهما في موقع الوزن الجيوسياسي، المقابل لنفوذ الولاياتالمتحدة وحلفائها. كما ستحتل المسائل الاقتصادية والمالية حيزا كبيرا من المفاوضات الثلاثاء بين شي وبوتين. وزادت روسيا بصورة خاصة صادراتها من المحروقات إلى آسيا للتعويض عن الحظر الأوروبي المفروض عليها، وهو ما يجعلها تعول بشكل متزايد على بكين برأي مراقبين.