أطل الولي الفقيه في يوم الشجرة، بعد مرور مئة يوم على تسميم تلميذات المدارس، ليدلي بدلوه في القضية المثيرة لغضب الشارع الإيراني، ويطلب من أجهزته الأمنية معاقبة المتورطين، إذا كانت هناك أيد وأشخاص ومجموعات متورطة "بالفعل" في الجريمة. اللافت للنظر في تصريحاته أنها كانت عابرة، متحفظة، مشروطة، ويعتريها الشك، بدلا من إعلان موقف واضح، أو إصدار بيان، أو إعطاء أوامر بمقاضاة المتورطين، والواضح من عباراته أنها تهدف للتقليل من أهمية القضية. ولم يكن أداؤه في القضية مفاجئا للإيرانيين، الذين خبروا مكائده، ولا سيما خلال إدارته لملف جائحة كورونا في 3 مارس 2020، التي حولها إلى فرصة لنجاة نظامه، ونعمة لتكبيل المجتمع وإخضاعه، حتى لو تسبب ذلك بآلام ووفاة 550 ألف مواطن، الأمر الذي أتاح له تأجيل الانتفاضة لمدة عامين. بالتأكيد لم يكن ظهور الولي الفقيه في عيد الشجرة إلا محاولة للتغطية على ما تكشف من الحقيقة، ينطبق عليها مَثَل إخفاء الشمس بالغربال. من جهة أخرى في الساحة الدولية، القفز على الحقائق والتغطية عليها وفرض مستجدات لا تنتمي للواقع، والسعي من أجل صناعة رأي عام مصطنع، هو ما يبذله ويقوم به ابن الشاه المخلوع في هذه الفترة الحرجة، والمثير للسخرية إنه يقوم بتأدية دوره بدم بارد تماما كما كان نظام والده يفعل في تصفية وإبادة كل المناضلين من أجل الحرية والديمقراطية من أبناء الشعب الإيراني، وأكثر ما يبعث على الشعور بالقرف والغثيان هو إنه يريد بطريقة وأخرى من أجل إقناع الشعب الإيراني بأن ماحدث قبل 44 عاما وسقط بسببه نظام والده الدكتاتوري، كان خطأ ويجب تصحيحه بالعودة إلى ذات النظام بعد إسقاط نظام ولاية الفقيه! السعي من أجل خلق تاريخ وخلفية سياسية تدل على النضال والمواجهة ضد نظام ولاية الفقيه، هو تماما ما يقوم به ويفعله ابن الشاه المخلوع من خلال سعيه للظهور في برلمانات الدول الأوروبية والتغطية على دوره المنعدم خلال ال43 عاما الماضية، وهو يتصور بأن هذا لوحده يكفي لكي يقوم بتسويق نفسه كوصي على الشعب الإيراني، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا قياسا إلى ماقد أوضحناه هو؛ ما هو هدف وقصد ما يقوم به ابن الشاه المخلوع في بعض البرلمانات الأوروبية؟ التاريخ الحقيقي والقائم على أساس مرتكزات وأسس زمنية ومكانية ويحتوي في طياته من الأحداث والتطورات التي تثبت وتؤكد دورا ومكانة لشخصية أو طرف سياسي، لا يمكن أن بناءه وصناعته في فترة قصيرة ومن خلال مجموعة اجتماعات مصطنعة مشبوهة، إذ كما إن ثورة سبارتاكوس والثورة الفرنسية والثورة الإيرانية لها خلفيات تاريخية عميقة لها في الواقع، فإن النضال الشعبي الإيراني من أجل الحرية والتغيير والذي يمكن القول بأنه من الممكن أن تكون الانتفاضة الشعبية الحالية بمثابة مسك الختام له، تاريخ له مقوماته وليس من الممكن أن يقفز أحدهم إلى الواجهة ويقوم بتنسيبها لنفسه، ولعل هذا هو السر وراء فشل دعوة ابن الشاه إلى البرلمان الأوروبي، وعدم الترحيب به من قبل نواب هذا البرلمان. في هذا العصر الذي من أهم معالمه هو إنه لا يمكن أبدا للأكاذيب والخدع أن تكون بديلا للحقائق وأن تحل محلها، فإن السعي من أجل تحريف وتزييف المسار التاريخي لنضال الشعب الإيراني وسرقته من أصحابه تماما كما فعل خميني مع الثورة الإيرانية، هو المستحيل بعينه ذلك إن خيارات الشعب الإيراني بخصوص المستقبل واضحة ولا يمكن التلاعب بها مرة أخرى. * عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية