حققت البنوك السعودية أرباحا هي الأعلى تاريخيا بنهاية الربع الأول 2022 بلغت نحو 14.7 مليار ريال بنسبة نمو 22 % على أساس سنوي و18 % مقارنة مع الربع الأخير من العام الماضي هذا النمو الكبير حدث في ظل أسعار فائدة متدنية على الأقل خلال الشهرين الأولين قبل رفع سعر الفائدة، وكذلك في ظل منافسة شرسة بين البنوك الكبيرة في تسعير القروض الاستهلاكية وصلت إلى أقل من نصف نقطة مئوية، إلا أن أغلب البنوك المنكشفة على الشركات استفادت جزئيا من رفع الفائدة بربع نقطة مئوية في شهر مارس الماضي حيث أظهرت الأرقام أن دخل البنوك من العمولات الخاصة أرتفع بنسبة 16 % مقارنة مع نفس الفترة، كما تشير أرقام البنوك للعام الماضي أن دخل العمولات الخاصة نما فقط بنسبة 8 % وهذا يعني بالضرورة أن البنوك قد استفادت فعليا من رفع الفائدة خلال شهر مارس بالإضافة إلى الزيادة الكبيرة في قيمة التمويل الممنوح والذي تجاوز 100 مليار ريال خلال الثلاثة أشهر الأولى لأول مرة وهذا الرقم يقارب نصف إجمالي التمويل الممنوح للعملاء في عام 2021 والذي يُقدر ب 208 مليارات ريال، ويعزى نمو الإقراض في الربع الأول إلى العروض التي قدمتها البنوك للأفراد للحصول على قروض جديدة بأسعار منخفضة جدا فنجحت في استقطاب فئة جديدة من العملاء ليسوا في حاجة للتمويل ولكن إغراء التكاليف المنخفضة شجعهم لخوض تجربة جديدة في الحصول على قروض بتكاليف منخفضة وإعادة استثمارها في قنوات استثمارية ذات عوائد جيدة أو استثمارها في سوق الأسهم حيث لوحظ زيادة مضطردة في حجم التداولات اليومية خلال الربع الأول، كما أن ارتفاع حجم الأصول المدارة قد يكون سببه توجه بعضا من سيولة المقترضين إليها، من جهة أخرى كانت الشركات لديها يقين بأن رفع أسعار الفائدة قادم بقوة في ظل تخلي الفيدرالي الأميركي عن سياسة التيسير الكمي والدخول في مرحلة جديدة من تشديد السياسات النقدية للسيطرة على التضخم ولذلك جاء الرفع بربع نقطة مئوية في شهر مارس أتبعها الفيدرالي بنصف نقطة مئوية في اجتماع الأسبوع الماضي وما زالت الأسعار مرشحة للزيادة خلال الأشهر القادمة من أجل الوصول إلى نسبة 2 % مع نهاية العام الحالي، ولذلك استبقت بعض الشركات هذه القرارات وحصلت على تمويل جديد بأسعار فائدة منخفضة، ولكن هذا الضخ الكبير في نشاط التمويل أتوقع أن يشهد تباطؤا خلال الفترة القادمة، ولكن هذا التباطؤ لن يكون مؤثرا على هوامش الربحية للبنوك التي ستعوض هذا التباطؤ من خلال أسعار الفائدة المرتفعة ويستمر النمو في الأرباح خلال الفترة المقبلة، مخصصات القروض المتعثرة شهدت تراجعا ملحوظا بنحو 3 % على الرغم من الارتفاع الكبير في قيمة التمويل خلال الربع الأول ماعدا البنك الأهلي الذي ارتفعت مخصصاته بنحو 38 % وهذا قد يكون بسبب أرقام المقارنة مع الفترة المماثلة التي لم تُدرج فيها أرقام بنك سامبا وهي ليست متاحة ولم يتم نشرها وهذا برأيي خطأ كان يجب على البنك الأهلي نشرها لكي يتمكن المحللون من الوصول إلى أرقام النمو الفعلية، ودائع العملاء شهدت نموا قياسيا خلال السنتين الماضيتين، أما في الربع الأول من هذا العام فقد نمت بنحو 4 % مقارنة مع إغلاق ديسمبر 2021 وقد تفقد البنوك ذلك النمو الكبير في الودائع مع ارتفاع أسعار الفائدة وقد تفقد البنوك جزءا من الأموال غير المكلفة وتتجه الودائع تحت الطلب إلى ودائع ادخارية أو استثمارها في أدوات الدين التي ستكون عوائدها مجزية، وهذا من شأنه رفع كلفة الأموال. إيرادات البنوك تأتي من خلال ثلاثة أنشطة رئيسة هي النشاط التمويلي والنشاط الاستثماري والرسوم والعمولات، خلال الثلاث سنوات الماضية كان النشاط التمويلي مزدهرا ولذلك ربما تنازلت بعض البنوك عن بعض الرسوم من أجل تحفيز عمليات الإقراض، وكذلك لم تتوسع كثيرا في النشاط الاستثماري لضعف العوائد، ولكن مع التباطؤ المتوقع خلال الفترة القادمة للنشاط التمويلي فإن النشاط الاستثماري سوف ينتعش لأنه سيكون مجديا مع ارتفاع أسعار الفائدة ومن المتوقع أن ترفع البنوك حجم استثماراتها لتحقيق عوائد جيدة من الاستثمارات مع مخاطر منخفضة، وكذلك التركيز على زيادة الإيرادات من الرسوم البنكية.