من النعم الكثيرة والخيرات الوفيرة التي أفاء الله سبحانه وتعالى وتفضل بها على هذه المملكة السعيدة أن جعلها قمة وذروة في أعمال الخير والجود والبذل والعطاء والكرم والسخاء، كما هيأ لها أن تكون ملاذًا للملهوف والمكروب وتفريجًا عن المظلوم والمكلوم وغير ذلك من الصفات المثلى والسمات الجُلى من مظان الخير ومجالات الإنسانية، ومن فضل الله وكرمه وامتنانه على هذه البلاد الطيّبة الطاهرة الخيّرة المعطاءة وقيادتها الحكيمة الرشيدة الواعية أن أعظم شأنها وأعز مقامها ورفع مكانتها وأعلى صيتها في كل المحافل الدولية حتى أضحت معروفة ب "مملكة الإنسانية" من بين سائر الأمم، فمنذ عهد المؤسس الفذ والعَلَم الأشم الملك عبدالعزيز -طيّب الله ثراه وأحسن مثواه- وأبناؤه البررة من بعده يبذلون الغالي والنفيس ويتسابقون على فعل الخيرات امتثالاً لقول الرب تبارك وتعالى: "أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ" المؤمنون: 61﴾ . واستشعارًا بأهمية الدور المؤثر في تخفيف المعاناة الإنسانية ليعيش الإنسان حياة كريمة مُيسَّرة، وانطلاقًا من دورها الإنساني ومبادراتها الرائدة تجاه المجتمع العربي والدولي في جميع أنحاء العالم، شرعت المملكة في إنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في مايو عام 2015 ليكون مركزًا دوليًا مُكرَّسًا للعمل الإنساني والإغاثي بتوجيه كريم ورعاية سخية من لدن رائد العمل الإنساني خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -يحفظه الله-، ويعتمد المركز في عمله على المبادئ الراسخة والأهداف الإنسانية السامية لتقديم المعونة للمحتاجين والملهوفين وإغاثة المتضررين والمنكوبين في أي مكان في العالم بغض النظر عن الانتماءات أو السياسات بوسائل نقل متقدمة وآليات رصد دقيقة تنفذ من خلال المنظمات المحلية والدولية غير الربحية والتي تتمتع بموثوقية عالية ومصداقية أمينة في البلدان المستفيدة، وتشمل المساعدات والإعانات جميع قطاعات الإغاثة والأعمال الإنسانية (الإغاثة والأمن وإدارة المخيمات والمأوى والإنعاش المبكر والحماية والتعليم والمياه والصرف الصحي البيئي والتغذية والعلاج ودعم العمليات الإنسانية الإغاثية في حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية). وامتدادًا وتواصلا لتلك الأعمال الإنسانية والمبادرات الخيِّرة للمركز في التعامل مع آثار وتبعات تلك الزلازل الكارثية المدمرة التي حلت بتركيا وسورية فقد أصدر خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله- توجيهاته العاجلة بإطلاق الحملة الشعبية لمواساة ودعم المتضررين من تلك الزلال لتأتي امتدادًا ودعمًا وتوثيقًا للنهج الإنساني والرسالة النبيلة التي اختطها وتبناها المركز من أجل تخفيف مصاب الأشقاء والأصدقاء في سورية وتركيا من خلال العمل والتنسيق مع منظمات الأممالمتحدة، والمنظمات المحلية والدولية مما سيكون له بعون الله الأثر الإيجابي الكبير في تجاوز آثار تلك الكوارث وعودة الحياة إلى طبيعتها، والمملكة من خلال هذا العمل الإنساني الجليل إنما تسجل حضورًا قويًا وإسهامًا فاعلاً في المشهد التطوعي من خلال برامج متعددة وجَّه بها مقام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين من مد جسر جوي لفرق الإنقاذ والطوارئ والتدخل السريع للوصول إلى مواقع الأحداث لمساعدة المتضررين والمصابين لحمل التبرعات الإيوائية والطبية والغذائية إليهم. ومن خلال ما تم عرضه وبشكل موجز عن مساهمات المملكة العالمية في مجالات الخدمات والإغاثة الإنسانية ووقوفها الدائم مع الدول والشعوب الشقيقة والصديقة أثناء الأزمات والجوائح والكوارث الطبيعية إنما ينبع من قيمها الراسخة ونهجها القويم الذي دأبت عليه منذ عقود طويلة، ويؤكد على الدوام بأنها الرائدة في مجال العمل الإغاثي والإنساني، كما يعكس ما تقدمه المملكة من عطاء سخي وجود لا محدود كداعمة متفانية مخلصة في تقديم المساعدات الإنسانية أينما وحيثما دعت الحاجة لذلك، وبهذا فليس بمستغرب أن تتسنم المملكة ذروة العمل الإنساني لتعرف بمملكة الإنسانية لمبادراتها الخيرة وعطاءاتها السخية ولتصبح بحق واحة خضراء وارفة الظلال للعطاء والسخاء وموئلاً رحبًا للإنسانية والوفاء. *جامعة الملك سعود