إنه المعطي الذي إذا أكرمك أذهلك، هو الله العزيز الجبار، يضعف الإنسان فترات في حياته وترهقه الظروف وضغوطات الحياة، وينكشف الغطاء الحقيقي ليبين أنه لا يوجد غير الله السند الحقيقي الذي يتقبلنا في حالة الضعف والقوة، هنا تكون البداية التي نبصر بها وكأنها أول مرة ندرك المعنى الحقيقي لكرم الله، ربما نكررها بالكلمات دائماً، لكن في لحظة من اللحظات نلمس المعنى الباطني لها، فيتجلى المعنى في القلب والروح، ونعرفه في عز أوقات الضعف الإنساني لندرك حقيقة أنه لا فعّال غير الله. البعض يمر في رحلة الحياة بالعديد من المنعطفات والصدمات، وتصبح ملامح البشر أكثر وضوحاً، وتظهر المواقف من القريب والبعيد، ربما يجرحنا القريب ويداوينا بعد الله البعيد، ربما تخذلنا الأيام ويداوينا الله بالدعاء والانكسار إليه فقط، لذا لا تحزن على ما أصابك، تمعن في وسط هذه المنعطفات؛ ماذا يوجد بها من خير كثير، ولكي تستطيع رؤية هذا يتطلب مبدئياً تأمل هذه المنعطفات ورسالتها، ولماذا جاءت، ثم نتدرب على التقبل وليس ضرورة الموافقة عليها فقط، التقبل مبدئياً حتى نستطيع رؤية ما خلف هذه المنعطفات بصورة أوضح، وكل منا سوف يدرك درسه وتجربته التي ستعلمه الشيء الكثير، وحقيقة المعنى من كل شيء. المعنى يظهر أحياناً من خلال النفس لتدرك قوتها وضعفها، كم منا توقع أنه ضعيف ثم أدركه الله بالقوة ليدرك أن في داخله سراً عظيماً، وهو القدرة على النهوض بعد العثرات، كم منا ظهر له المعنى من خلال الأزمات التي أظهرت معادن الآخرين بحلوها ومرها، كم منا ظهر له المعنى في حالة الفقر والشدة ثم أكرمه الكريم دون حول ولا قوة منه. المعاني تظهر من خلال رحلتنا في الحياة لكل قلب مبصر لبواطن الأمور، لذا لا تحزن على ظاهر الأشياء والأمور فهي عابرة سبيل نتعلم منها لنكون أفضل وأحسن. كرم الله إذا جاء لا يستطيع أحد أن يرده؛ فهو نافذ وبقوة، كرم الله بالقوة التي يزودنا بها، كرمه في الصحة، وكرمه في الرزق، وكرمه باللطف، وكرمه بالستر، فما علينا إلا الشكر، الشكر فعل بتقديم الخير والإحسان للآخرين لنساعد بعضنا ونحب بعضنا ونسامح بعضنا، فلك الحمد والشكر يا رب على كرمك ولطفك، فأنت الكريم الغني.