أشار قائد شركة جنرال إلكتريك الأسبق وأحد أهم وأنجح قادة الأعمال في القرن العشرين جاك ويلش في كتابه الفوز إلى أسلوبه القيادي خلال العقدين التي شغل فيها منصب الرئيس التنفيذي للشركة، حيث أشار إلى أهمية رؤية القائد وأهمية المهارات الناعمة والفنية، لإحداث تغيير ناجح ودائم داخل المنظمة. وأوضح أنه في حين أن الاستراتيجية مهمة ويمكن أن تؤدي إلى مكاسب قصيرة الأجل، إلا أن جانب المهارات الناعمة هو مفتح النجاح على المدى الطويل لأي منظمة. تتنوع المهارات باختلاف المستوى الإداري للفرد داخل المنظمة وهو ما يقودنا للحديث عن هرم القيادة ودوره في تحقيق مستهدفات المنظمة. يساعد هرم القيادة على إنشاء منصة لتطوير المهارات الفعالة والتقييم والتنفيذ ضمن مختلف عمليات المنظمة كونه يصور المستويات المختلفة للقادة من صانعي القرار إلى التنفيذيين مما يساعد على دعم النمو والكفاءة التنظيمية حيث يوفر الهرم للقيادة نظرة ثاقبة حول كيفية سير العمل داخل المنظمة من وجهة نظر جزئية وشمولية، مما يسهل إدارة فرق العمل بشكل أكثر فعالية. يتكون هرم القيادة من ثلاث مستويات مختلفة، يمثل كل منها المستوى المتزايد من الأهمية لكل مستوى. بدءًا من المستوى الأساسي - الموظفون، يليهم مستوى الإدارة الوسطى ثم القائد في أعلى الهرم. يتطلب كل مستوى مجموعة مختلفة من الكفاءات والمهارات بناءً على الخبرة والمعرفة والأداء الذي يساهم في نمو المنظمة. في قمة هرم القيادة، يضع القائد الرؤية ويقدم الدعم ويعمل كنموذج يحتذى به للآخرين. ويستشرف المستقبل ويمتلك الصفات الشخصية الهامة مثل الكاريزما لإلهام من حولهم، فضلا عن التخطيط الاستراتيجي واتخاذ القرار الأنسب بناء على المصلحة العامة أو رؤية التغيير الأنسب. ومن أبرز الأمثلة العالمية تجربة الرئيس التنفيذي لشركة ميكروسوفت ساتيا نادالا والذي اتخذ شعار تطوير مسار أعمال الشركة من تطوير برمجيات الشركة التقليدية الشهيرة لتكون الأولوية للهواتف الذكية والفضاء السحابي حيث رفع شعار "الجوال أولاً - التطبيقات السحابية أولا (mobile-first and cloud-first). انعكست رؤيته الجديدة على استراتيجية الشركة للتركيز على تطوير المنتجات الرقمية المتطورة والتي بدورها ساهمت في رفع إيرادات الشركة من 86 مليار دولار في العام 2014 لتصل إلى 125 مليار دولار في العام 2019 والذي يعد أعلى نمو إيرادات في تاريخ الشركة. بينما على مستوى الإدارة الوسطى في المنظمة تعد المهارات الناعمة ضرورة وخلق بيئة توصل وتفاعل إيجابي ابتدأ بالتواصل الفعال، ومروراً بمهارات حل المشكلات، وتعزيز العلاقات الشخصية وانتهاء بالقدرات التفاوضية. وتهتم العديد من المنظمات حول العالم بالمهارات الناعمة ودورها في تحقيق المستهدفات ومن بينها شركة أبل، حيث تهتم بتدريب الإدارة الوسطى على المهارات الناعمة والتي بدورها تساهم تطوير قدرات فرق العمل وتعزيز بيئة صحية وثقة بين موظفيها ينتج عنها كوادر بشرية متحفزة تساهم في تطوير المنتجات وتقود الشركة للنجاح. وآخر جزء من الهرم القيادي وهي المهارات الفنية، والتي تعنى بشكل رئيس بامتلاك بقية موظفي المنظمة المعرفة والمهارات التخصصية التي تساعدهم في تنفيذ المهام الموكلة لهم بدقة وإتقان في مختلف الإدارات والمجالات. ختاماً ونحن نتحدث عن القيادة لا بد من الإشارة إلى أحد أهم النماذج في القيادة وهي نهج سمو ولي العهد - يحفظه الله - في القيادة والإلهام ولعل أبرز نموذج لرؤية القائد هي رؤية 2030 والتي تفرع منها 89 مبادرة لتحقيق 16 هدفاً استراتيجياً، ولو أخذنا جزء بسيط من أحد هذه البرامج والمبادرات في قطاع الأعمال وهو طرح 1,5% من شركة أرامكو للاكتتاب العام، ليكون أكبر طرح أولي في التاريخ، وتم جمع سيولة نقدية تزيد عن 96 مليار ريال حصيلة الاكتتاب مما ساهم في تحقيق عدد من مستهدفات الشركة، فدور القائد دائماً هي الرؤية ورفع الراية والريادة وكلها تحققت في رؤية سمو ولي العهد. *الرئيس التنفيذي لشركة عبدالله العثيم للاستثمار