ما زالت ردود الأفعال الدولية المنددة تتوالى، بعد أن نفّذ القضاء الإيراني حكم الإعدام الصادر بحق المسؤول السابق في وزارة الدفاع علي رضا أكبري، بعد اتهامه بالتجسس لصالح المملكة المتحدة التي يحمل جنسيتها. وأفادت وكالة "ميزان" التابعة للسلطة القضائية، بأنّ حكم الإعدام بحق أكبري، نفّذ شنقاً بعد إدانته ب"الإفساد في الأرض والمساس بالأمن الداخلي والخارجي للبلاد، عبر نقل معلومات استخبارية". وأشارت إلى أن "نشاطات جهاز الاستخبارات البريطاني في هذه القضية أظهرت قيمة المدان، وأهمية الاطلاع الذي كان يتمتع به وثقة العدو به". ووصف رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك في تغريدة، إعدام أكبري ب"المروّع"، معتبراً أنه "عمل قاسٍ وجبان نفذه نظام همجي لا يحترم حقوق الإنسان لشعبه". كذلك، أكد وزير خارجيته جيمس كليفرلي أن "هذا العمل الهمجي يستحقّ الإدانة بأشد العبارات، لن يمر بلا رد"، وقال "نطالب بمحاسبة النظام (الإيراني) على انتهاكاته المروّعة لحقوق الإنسان". اعترافات كاذبة أعلن لاحقاً فرض عقوبات على المدّعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري، من دون تحديد طبيعة هذه العقوبات. بدورها، أعلنت الخارجية الإيرانية استدعاء السفير البريطاني في طهران، للتنديد ب"الدعم المخادع" الذي قدّمته لندن ل"عميل التجسّس". وقالت: إنّ على حكومة المملكة المتحدة "تحمّل مسؤولية إجراء اتصالات غير تقليدية تستهدف الأمن القومي للجمهورية". وكانت المملكة المتحدةوالولاياتالمتحدة قد حضّتا إيران على عدم تنفيذ حكم الإعدام بحق أكبري. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تغريدة إن "إعدام علي رضا أكبري عمل مشين وهمجي"، مبديا تضامنه مع المملكة المتحدة والشعب الإيراني. واستدعت فرنسا القائم بالأعمال في السفارة الإيرانية. وعبّرت الولاياتالمتحدة السبت عن "صدمتها" من تنفيذ إيران حكم الإعدام بحق أكبري. وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، "نحن نحزن مع أحبّائه وسنُواصل محاسبة إيران على محاكماتها الصوريّة، وعمليّات الإعدام المُسيّسة". بدوره قال متحدث باسم الخارجية الأميركية "نشعر بالصدمة من إعدام إيران المواطن البريطاني المزدوج الجنسية علي رضا أكبري، ونقف مع الحكومة البريطانية في إدانة إعدامه، الذي كان بدوافع سياسية وجائرا". وكان الدبلوماسي الأميركي فيدانت باتيل، أعرب عن "مخاوف قوية" لدى واشنطن بعد تقارير "أفادت بأنّ أكبري قد خُدر وعُذب أثناء احتجازه، واستُجوب لآلاف الساعات وأجبر على الاعتراف". مؤخرا بثت وسائل إعلام إيرانية تسجيل فيديو يروي فيه أكبري، خصوصا كيف تقرّب من جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني "إم آي 6". وغالبا ما يتّم في إيران انتزاع اعترافات كاذبة من المعتقلين. بينما دانت منظمة العفو الدولية على تويتر إعدام أكبري، معتبرة أنه "دليل جديد على هجوم إيران الشنيع، على الحق في الحياة"، داعية الحكومة البريطانية إلى "التحقيق بالكامل" في اتهامات بتعرضه للتعذيب على ما يبدو. من جهته، اعتبر محمود أميري مقدم، مدير منظمة حقوق الإنسان في إيران، التي تتخذ أوسلو مقراً، أنّ "تنفيذ إيران هذا الإعدام في وقت تدرس المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وضع الحرس الثوري الإيراني على لوائح الإرهاب، يُظهر أنّ هذا جزء من سياسة أخذ الرهائن" التي تنتهجها طهران. واعتبر سفير بريطانيا الأسبق لدى إيران ريتشارد دالتون، أن تلويح المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بإدراج الحرس الثوري الإيراني في لائحة المنظمات الإرهابية، أدى دورا في توقيت إعدام أكبري. وقال في تصريح لإذاعة "تايمز راديو" إن "من الممكن أنهم (الإيرانيون) يريدون تأكيد حقّهم في الاحتجاج المسبق على ذلك". وبحسب وسائل الإعلام الرسمية في إيران، التي لا تعترف بازدواجية الجنسية لمواطنيها، شغل أكبري مناصب عدة في هيكلية الدفاع والأمن في النظام الايراني. وأشارت وكالة الأنباء الرسمية "إرنا" إلى أنّ أكبري، من قدامى الحرب مع العراق (1980 - 1988)، وكان شغل منصب "معاون وزير الدفاع للعلاقات الخارجية" ورئيس قسم في مركز بحوث وزارة الدفاع، وكان "مستشاراً لقائد القوات البحرية". وفي فبراير 2019، أجرت صحيفة "إيران" الحكومية مقابلة مع أكبري، وقدّمته على أنه "نائب سابق لوزير الدفاع في حكومة محمد خاتمي"، الإصلاحي الذي تولى رئاسة الجمهورية بين العامين 1997 و2005. في ذلك الحين، تولّى الأميرال علي شمخاني منصب وزير الدفاع، فيما يشغل حالياً منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي. مليون دولار وفيديو وأفادت "إرنا" بأنّه تمّ توقيف أكبري بين مارس 2019 ومارس 2020، فيما أفادت وكالة "ميزان" بأنّه تلقى دفعات مالية تتجاوز قيمتها مليوني دولار لقاء خدماته. وكانت وكالة "إرنا" نشرت شريطاً عن أكبري يمتدّ زهاء تسع دقائق، يتضمّن صوراً له بمفرده أو مع أشخاص ومسؤولين تمّ إخفاء وجوههم، ولقطات وهو يتحدّث عن تواصله مع البريطانيين، ويختتم الشريط بلقطات له وهو معصوب العينين، قيل إنها للحظة توقيفه. ومن الأمور التي أوردها أكبري في حديثه، أنّ الجانب البريطاني سأله عن العالم النووي محسن فخري زاده، الذي اغتيل بهجوم استهدف سيارته قرب طهران في نوفمبر 2020، والذي تتهم إيران إسرائيل بالوقف وراءه. وسبق للسلطات أن أعلنت توقيف كثير من الأشخاص بتهمة التجسس على النظام، لحساب أجهزة استخبارات خارجية، منها الأميركية والإسرائيلية والبريطانية. وتشهد العلاقات بين طهرانولندن توترات في السنوات الأخيرة بسبب اعتقال العديد من مزدوجي الجنسية. ويأتي إعدام أكبري في وقت تشهد إيران احتجاجات منذ وفاة الشابة مهسا أميني في 16 سبتمبر، إثر توقيفها بأيدي شرطة الأخلاق في طهران، لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس في البلاد. وأعلن القضاء الإيراني حتى الآن إصدار 18 حكماً بالإعدام على خلفية الاحتجاجات، نفّذ أربعة منها بحق مدانين باعتداءات على قوات الأمن.