قال عمرو المغربي، الخبير في فحص الاحتيال، أن نسبة عمليات (الاستحواذ على الحسابات البنكية) تجاوزت 280% خلال الربع الثاني من عام 2019 إلى الربع الثاني عام 2020، موضحا، أن الخدمات المصرفية الرقمية شهدت قفزات كبيرة إبان جائحة كورونا، مما ساهم في ارتفاع وتيرة العمليات الاحتيالية (الاستحواذ على الحسابات)، حيث جاء ارتفاع عمليات الاحتيال المصرفي الرقمي نتيجة التحول الكبير من الخدمات المصرفية التقليدية إلى الخدمات المصرفية الرقمية، مشيرا إلى ظهور تحديات جديدة مثل القدرة على انتحال شخصية أصحاب الحسابات باستخدام بيانات يتم الاستيلاء عليها، مما يسهم في الاستحواذ على تلك الحسابات البنكية وبالتالي إجراء عمليات التحويلات المالية. وأضاف خلال اللقاء الشهري بعنوان (المهارات والتحديات لمحقق الاحتيال)، الذي تنظمه جمعية مكافحة الاحتيال السعودية، مساء يوم الأحد افتراضيًا، أن المؤسسات المالية والبنوك تقع في معضلة بين تشديد إجراءات الحوكمة والرقابة من جانب ومنع بعض المعاملات الشرعية للعملاء من جانب آخر، مبينا، أن ارتفاع عمليات الاحتيال ساهم في تعزيز الخدمة البنكية عبر تحديد الحد الأقصى للتحويلات المالية في البنوك والمؤسسات المالية، بهدف تقليل حجم عمليات الاحتيال ونسب الخسائر المالية. وقال إن فاتورة الاحتيال "مؤلمة"، حيث يبلغ متوسط تكاليف الاحتيال للشركات بالولاياتالمتحدة 3,92 ملايين دولار لعملية الاحتيال، فيما تحصل محاولة لاختراق البيانات بأمريكا بمعدل كل 40 ثانية، مؤكدا، أن عمليات الاختراق لا تقتصر على الشركات الصغيرة ولكنها تشمل الكبيرة مثل "قوقل"، حيث بلغت أضرار تلك المحاولات لاكثر من 100 مليون دولار، مشيرا إلى الدخول في مرحلة "سباق تسلح" بين العصابات الاجرامية و الجهات الأمنية المتخصصة، مطالبا الجهات الأمنية المتخصصة بضرورة تحديث إجراءات الحوكمة و الرقابة لتقليل من معدلات الاحتيال. وذكر أن انتشار العملات الرقمية "بتكوين" ساهم في تزايد الجرائم الالكترونية، واصفا عمليات الاحتيال ب"الوباء" الذي يكتسح العالم، موضحا، أن الجرائم الإلكترونية لا تقتصر على الأفراد ولكنها تشمل الشركات وحكومات، لافتا أن عصابة روسية استطاعت اختراق أنظمة حكومية أمريكية قبل 4 أشهر تقريبا، حيث طلبت فدية 4 ملايين دولار بطريقة العملات الرقمية، لمنع عمليات التعقب والتتبع، موضحا، أن 75 % من الشركات الأمريكية تعرضت للتصيد الاحتيالي منها من استطاعت تجاوز تلك العمليات والبعض منها سقطت في فخ التصيد الاحتيالي، مشيرا إلى أن التصيد الاحتيالي يتمثل في تزوير الروابط للمواقع الرسمية والإعلانات الخبيثة والبرامج الضارة في الأجهزة الإلكترونية. وأوضح، أن حجم البيانات المسروقة عالميا يبلغ 15 مليارا من الحسابات البنكية على المستوى العالمي، حيث تتوزع بين الأفراد والشركات، لافتا إلى أن حماية البيانات لمنع سرقة البيانات تختلف للأفراد لا تتجاوز 15 دولارا بينما السعر يتجاوز 3 آلاف دولار للشركات، مبينا، أن البنوك عمدت لتطوير التحاليل السلوكية للعملاء والتحليلات الآنية، حيث ساهم استخدام الذكاء الاصطناعي في تكوين سلوكيات للعملاء، مما يسهم في إيقاف العمليات المالية بمجرد الاشتباه في نوعية تلك المعاملات. واكد، أن أساليب الاحتيال شهدت تطورا كبيرا خلال السنوات الماضية، حيث تتمثل في المحاولات الفردية كالاختلاس بمبالغ صغيرة، موضحا، أن الاحتيال بات صناعة عالمية غير مشروعة، حيث تضم عصابات من المجرمين المهرة، حيث تمتلك تلك العصابات أنماطا معقدة من الاحتيال، تعتمد على التواطؤ بين العصابات الإجرامية والأشخاص داخل المؤسسات، مبينا، أن الاحتيال الإلكتروني أكثر تعقيدا مع التطور الحاصل، مما ساهم في زيادة القدرة على الخداع والمراقبة التي تعتمد عليها المؤسسات والشركات والبنوك. وأوضح أن عام 2002 شهد فضيحة الشركة الثانية في الولاياتالمتحدة في قطاع الاتصالات، فقد اكتشفت وحدة التدقيق الداخلي بالشركة إدخالات في الميزانية العمومية احتيال بقيمة 3,8 مليارات دولار، مما أدى إلى اكتشاف وجود مبالغة في الأصول بقيمة تتجاوز 11 مليار دولار، بهدف الحفاظ على قيمة سعر السهم للشركة، مضيفا، أن فضيحة تلك الشركة اعتبرت أكبر عملية احتيال محاسبية في التاريخ الأمريكي، مؤكدا، أن فضائح الاحتيال دفعت لاتخاذ مواقف حاسمة لسن تشريعات تفصيلية بهدف ردع تلك الممارسات، حيث تم إنشاء الجمعية العامة لفاحصي الاحتيال في أمريكا بعام 1998 بهدف توفير أدوات وتدريب وتوفير الخبرات للقيام بالدور المطلوب، حيث يتجاوز أعضاء الجمعية 90 ألف عضو. وأشار إلى أن الاحتيال يعتبر عملا خادعا يهدف إلى تمكين المحتال من الحصول على مكاسب غير مشروعة، مضيفا، أن الاحتيال يعتبر جريمة من جرائم أصحاب الياقات البيضاء الذين يتحايلون على القوانين والسياسات والإجراءات بشكل لا يمكن عمليات التدقيق التقليدية من كشفها، مبينا، أن فحص الاحتيال يبدأ بعد اكتشاف الواقعة والإبلاغ عنها وهذه النقطة التي يظهر فيها دور فاحصي الاحتيال، حيث لا يتم التعاقد مع فاحصي الاحتيال إلا بعد اكتشاف الجريمة، موضحا، أن المعاملات الاحتيالية تتم بشكل روتيني من خلال تجاوز الضوابط الداخلية، لافتا إلى أن دور فاحص الاحتيال يتم في تصميم إجراءات للبحث عن الاحتيال والقيام بإجراء عمليات تدقق متعمقة للعثور على جميع الأدلة. وذكر، أن الصفات والمهارات اللازمة لفاحص الاحتيال تتمثل في القدرة على الاستماع وقوة الملاحظة وكذلك الامتثال بالموضوعية وأيضا امتلاك القدرات التحليلية المتميزة، بالإضافة إلى وجود مهارات اتصال ممتازة وأخيرا الخبرة والدراسة للشهادات المهنية.