أظهر تقرير متخصص تناول 12 دولة في منطقة الشرق الأوسط أنّه قد تمّ استثمار 6 مليارات دولار أمريكي في التقنيات المناخية منذ العام 2013، منها 1.6 مليار دولار أمريكي تمّ استثماره في النصف الأول من العام 2022 فقط. ومن المتوقّع لهذا الزخم أن يستمر في ضوء إعلان أرامكو السعودية الأخير عن إنشاء صندوق للاستدامة بقيمة 1.5 مليار دولار أمريكي، إلى جانب خطط دولة الإمارات لاستضافة مؤتمر الأطراف (COP28) العام القادم. بالإضافة إلى ذلك، يستكشف التقرير فرص منطقة الشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص، دول مجلس التعاون الخليجي، في ريادة مجال التقنيات المناخية. وأطلقت بي دبليو سي الشرق الأوسط تقريرًا جديدًا بعنوان التطرّق إلى التغيّر المناخي: دور ريادي عالمي لمنطقة الشرق الأوسط، والذى يقدّم نظرة ثاقبة حول دور المنطقة المتزايد الأهمية في معالجة التغيّر المناخي. كما يسلّط التقرير الضوء على التوجّهات العالمية والإقليمية في الاستثمار في التقنيات المناخية، والفرص الرئيسة التي يمكن من خلالها لمنطقة الشرق الأوسط القيام بدور ريادي عالمي في مكافحة التغيّر المناخي عبر التقنيات المناخية، كما يوضح التقرير الخطط الحالية والمستقبلية للشرق الأوسط من حيث الاستثمار في التقنيات المناخية ويحدد خمس فرص رئيسة يمكن للمنطقة الاستفادة منها لتولي دور ريادي عالميًا في التقنيات المناخية، بما فيها: طاقة الشمس والرياح، ومن الطاقة إلى الغذاء، وإنتاج الهيدروجين الأخضر، والبلاستيك المعاد تدويره، ومن المخلفات إلى الطاقة. وهو ما يعرض نظرة مستقبلية واعدة والإشارة إلى قدرة المنطقة في القيام بدور ريادي في تطوير حلول مبتكرة ومعالجة قضايا التغيّر المناخي الملحّة. علاوة على ذلك، تعتبر تحديات قضايا تغير المناخ مسألة دقيقة بالنسبة للشرق الأوسط بسبب بعض التحديات في المنطقة، ومنها المساحات الصحراوية الشاسعة وانخفاض مستويات المياه بسبب الجفاف متعدد السنوات والعواصف الرملية المتكررة وارتفاع درجات الحرارة سريعة الارتفاع في المنطقة وهو ما يعرّض حياة الأربعمائة مليون مقيم في المنطقة لخطر متزايد. وفي هذا الإطار، علّق الدكتور يحيى عنوتي، الشريك المسؤول عن المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة المؤسسية في بي دبليو سي الشرق الأوسط، قائلًا: «يُظهر تحليلنا أن هناك إقبالًا متزايدًا على الاستثمار في مجال تكنولوجيا المناخ في الشرق الأوسط، وهو على عكس الوتيرة الأكثر تباطؤًا في باقي أنحاء العالم، فقد انخفض عالمياً تمويل رؤوس الأموال المغامرة للشركات الناشئة في مجال التقنيات المناخية، بقيمة 52 مليار دولار أمريكي في الفصول الثلاثة الأولى من العام 2022». «وبينما تستمر منطقتنا في تحقيق إنجازات كبيرة في مجال تكنولوجيا المناخ، يتعيّن على دول الشرق الأوسط كي تصبح لاعبًا أساسيًا في مجال التقنيات المناخية إلى الاستثمار في الأبحاث والتقنيات الرائدة محليًا، على سبيل تقنيات التحلل الكهربائي، والمفاعلات الحيوية، والتقاط الهواء وغيرها من التقنيات المبتكرة التي يمكنها أن تخفف من وطأة التغيّر المناخي». من ناحيته، قال جون بلاكبرن، شريك في قطاع خدمات الطاقة والمرافق والموارد والصناعات، بي دبليو سي الشرق الأوسط: «يتطلّب تولّي منطقة الشرق الأوسط مكانةً رائدة في التقنيات المناخية، مستوى أعلى من التركيز والتمويل، وتغييرات في المتطلبات التنظيمية وإعداد التقارير من أجل تمكين نمو منظومة التقنيات المناخية. وفي ما يتعدّى الأسئلة الوجودية التي يطرحها التغيّر المناخي، تحتاج الحكومات والشركات والأفراد النظر في الفرص التي تقدّمها التقنيات الخضراء. وإن إعادة توجيه الاقتصادات المحلية لتصبح أكثر مراعاة للبيئة واعتمادًا على التقنيات الخضراء، وتطوير القدرات الأساسية اللازمة لمساعدة العالم في معالجة تحديات التغيّر المناخي، مسألة لن تعود بمنافع اقتصادية على المنطقة فحسب بل ستضع المنطقة في مكانة المركز العالمي الجديد للتقنيات الخضراء.» وفي النهاية، يشير التقرير إلى اتجاه توجيه الاستثمار في التقنيات المناخية في منطقة الشرق الأوسط نحو تطوير التقنيات التي تتمحور أولوياتها حول الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، حيث يذهب ثلثا الاستثمار الإقليمي إلى القطاعات التي تولد 85٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري؛ وفي المقابل فإن تدفق الاستثمارات العالمية يبدو أقل استهدافًا لهذه المسألة. ويتطلب النجاح في الاستفادة من الفرص الرائدة في مجال تمويل التقنيات المناخية نهجًا شاملاً وموجهاً نحو رسالة محددة ومدعومًا بعدد من العوامل بما في ذلك؛ تنسيق الجهود وتوحيدها عبر الحكومات والقطاع الخاص، وإطلاق صندوق إقليمي مخصص للاستثمار في التقنيات المناخية، والتخفيف من المخاطر من خلال عبر علاقات التعاون الطويلة الأمد، ومنح الأولوية للبحوث في مجال التقنيات المناخية، والاستفادة من القدرات الحالية، وإعداد منظومة ممكّنة، وتحفيز الشباب لتطوير قدراتهم في هذا المجال، وتمكّن كل هذه العوامل من توافر إطار عمل شامل يتم من خلاله تحقيق نتائج مستدامة.