على امتداد أكثر من خمسة آلاف عام سجلت الصين اسمها في مصاف أقدم الحضارات البشرية وأكثرها تفاعلاً. فسجل الصين العريق حافل بعلاقاتها الوطيدة والممتدة مع العالم العربي والثقافة العربية الإسلامية على امتداد السنين، فهي ذات حضارة وتاريخ عريقين. لقد امتدت مسيرة علاقات الصين التاريخية بجزيرة العرب قبل ظهور الإسلام وبعده، وكان العرب على علم بهذا القطر البعيد عنهم، والذي كانوا يسمونه الصين أو بلاد الشمس، حيث كانت التجارة بين الصين والهند وموانئ البحر الأبيض في يد العرب في الجاهلية. وجاء دخول الإسلام إلى الصين في السنة الثانية لحكم الإمبراطور الصيني «يونع هوى» فيما يقابل عام 651 ميلادية، وهذه الرواية مبنية دون غيرها في التدوينات التاريخية الصينية للأستاذ «تشن يوان» أحد المؤرخين المرموقين في العهد القريب. والعلاقات السعودية - الصينية امتداد لمسيرة علاقات الصين التاريخية بجزيرة العرب والذي يرجع في المقام الأول للموقع الاستراتيجي للمملكة العربية السعودية المتوسط بين الشرق والغرب. إن الموقع للمملكة العربية السعودية الجغرافي والذي يقع على الطريق التجاري القديم بين البحر المتوسط والشرق الأقصى الذي كان يسمى «بطريق الحرير» قد أعطى تجار شبه الجزيرة العربية قديماً وحديثاً دوراً مهماً في النشاط التجاري بين شبه الجزيرة العربية والصين من ناحية وبقية دول أوروبا من ناحية أخرى. وقد بدأت العلاقات الدبلوماسية بين الصين والسعودية في عام 1990، وعلى مدى 32 عاماً الماضية، أحرز البلدان تقدماً كبيراً في التعاون الاقتصادي والتجاري والتبادلات الثقافية وتعزيز التواصل بين الحضارتين والبلدين. وفي الفترة بين عامي 1991 و1998، شهدت العلاقات بين البلدين تطوراً ملحوظاً وشهدت العلاقات الثنائية قوة دفع كبيرة خلال السنوات الأخيرة، من خلال رفع مستوى العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة وتأسيس اللجنة المشتركة الصينية - السعودية رفيعة المستوى، وذلك من خلال زيارة الرئيس الصيني شي جين بينج إلى السعودية عام 2016، وزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - للصين عام 2017، وزيارة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان لبكين في عام 2019، وتوسيع الشراكة الاقتصادية بما يعزز من تدعيم رؤية المملكة 2030 والرؤية الصينية «الحزام والطريق».