اندلعت احتجاجات جديدة أمس الإثنين في عدة جامعاتٍ إيرانية، وفي شمال غربي البلاد ذي الغالبية الكردية، في استمرارٍ للحركة المناهضة للنظام التي بدأت قبل نحو شهرين. وتطوّرت الاحتجاجات، التي اندلعت في منتصف سبتمبر، على أثر وفاة مهسا أميني، بعد اعتقالها بتهمة انتهاك قواعد اللباس الصارمة للنساء، إلى أكبر تحدٍّ للنظام في إيران منذ ثورة العام 1979. وعلى عكس التظاهرات التي شهدتها البلاد في العام 2019، فقد انتشرت الاحتجاجات الحالية في جميع أنحاء البلاد، عبر الطبقات الاجتماعية والجامعات والشوارع وحتى المدارس، كما لم تُظهر أيّ بوادر للتراجع، في ظلّ ارتفاع عدد القتلى إلى 200، وفقاً لإحدى المنظمات الحقوقية. وقالت منظمة حقوقية أخرى هي «هنكاو» التي تتخذ من النروج مقرّاً، إنّ القوات الأمنية فتحت النيران على محتجّين في بلدة مريوان في محافظة كردستان، ما أدى إلى إصابة 35 شخصاً. ولم يكن من الممكن التحقّق فوراً من الحصيلة. واندلعت هذه الاحتجاجات على أثر وفاة الطالبة الكردية نسرين قادري في طهران. وقادري التي تتحدّر من مريوان توفيت بعدما ضربتها الشرطة على رأسها، حسبما أفادت «هنكاو». لم تعلّق السلطات الإيرانية بعد على سبب الوفاة. غير أنّ «هنكاو» أشارت إلى أنّ الشابة دُفنت عند الفجر من دون مراسم جنازة، بناء على إصرار السلطات التي تخشى أن يشعل الحدث موجة احتجاجات جديدة. وأظهرت صور نُشرت على شبكات التواصل الاجتماعي، محتجّين قاموا بإلقاء الحجارة على مبنى الإدارة الرسمية، كما أنزلوا علم إيران وأحرقوه. ونظّم السكان، بمن فيهم نساء بلا حجاب، مسيرة في الشوارع. وأضافت «هنكاو» أنّ السلطات أرسلت تعزيزات إلى المنطقة، وتردّدت أصوات إطلاق النار في أنحاء المدينة مع حلول الليل. احتجاجات في الجامعات وكانت المناطق التي يقطنها الأكراد بمثابة مركزٍ للاحتجاجات، منذ وفاة مهسا أميني، الشابة الكردية من بلدة سقز في محافظة كردستان. كذلك، باتت الجامعات مراكز احتجاج رئيسية. وقالت منظمة حقوق الإنسان في إيران، التي تتخذ من النروج مقرّاً، إنّ طلّاباً في جامعة شريف في طهران، نظّموا اعتصامات الأحد دعماً لزملائهم المعتقلين. وفي هذه الأثناء، أزال طلّاب في جامعة في بابل في شمال إيران، الحواجز الفاصلة بين الجنسين، التي نُصّبت في المقهى وفق القانون، حسبما أضافت المنظمة. وشهدت الاحتجاجات تكتيكات كثيرة ومختلفة، حيث أشار المراقبون إلى نزعة جديدة نسبياً، تتمثّل في إزالة الشباب للعمائم من على رؤوس رجال الدين في الشوارع. وقالت منظمة حقوق الإنسان في إيران، إنّ 186 شخصاً على الأقل قُتلوا في حملة قمع الاحتجاجات على وفاة مهسا أميني، وأضافت المنظمة أنّ 118 شخصاً آخرين لقوا حتفهم في احتجاجات منفصلة منذ 30 سبتمبر في سيستان بلوشستان، وهي مقاطعة تقطنها غالبية سنية، في جنوب شرق البلاد، الأمر الذي يشكّل تحدّياً آخر للنظام. كذلك، أشارت منظمة حقوق الإنسان في إيران إلى أنّ القوات الأمنية قتلت 16 شخصاً على الأقل بالرصاص الحي، عندما اندلعت احتجاجات بعد صلاة الجمعة، في بلدة خاش في سيستان بلوشستان. حملة قمع شرسة اندلعت الاحتجاجات في ظلّ الغضب من قواعد اللباس الصارمة، التي اعتُقلت أميني على أساسها. ولكنّها تحوّلت إلى حركة واسعة النطاق ضد النظام، الذي يحكم إيران منذ سقوط الشاه. ويأتي ذلك فيما يشعر السنّة في سيستان بلوشستان منذ فترة طويلة بالتمييز ضدّهم، من قبل القيادة الشيعية في البلاد. وأدّت التقارير عن اغتصاب فتاة في هذه المحافظة، خلال احتجازها لدى الشرطة، إلى انطلاق احتجاجات أخرى. وحذّرت منظمة حقوق الإنسان في إيران، من أنّ «العشرات» من المتظاهرين الموقوفين، اتُهموا بارتكاب جرائم مفترضة، يمكن أن تصل عقوبتها إلى الإعدام، ما يعني ارتفاع العدد من حفنة قليلة كانوا يواجهون هذا المصير. والأحد طالب غالبية النواب الإيرانيين البالغ عددهم 290 بأن تطبّق السلطة القضائية العدالة بموجب مبدأ «العين بالعين» في ظل الاحتجاجات التي وصفتها السلطات بأنها «أعمال شغب». وشهدت حملة القمع توقيف ناشطين وصحافيين وفنّانين بارزين، مثل مغنّي الراب المعروف توماج صالحي. كما أنّ هناك قلقاً متزايداً بشأن حالة الكاتب في صحيفة «وول ستريت جورنال» والناشط في مجال حرية التعبير حسين روناغي، الذي أوقف في سبتمبر، والذي تقول عائلته إنه يخوض إضراباً عن الطعام في سجن إوين. وكتب شقيقه حسن عبر «تويتر» أنّ والده أحمد، يرقد الآن في العناية المركّزة بعد إصابته بنوبة قلبية، أثناء تنفيذه وقفة احتجاجية خارج سجن إوين.