تشهد الدراسات الحديثة العديد من الأبحاث العلمية التي تكشف الدواخل والأحوال النفسية بالبشرية خصوصاً لدى الأطفال، حيث إنهم غير قادرين على التعبير عن مشاعرهم وما يفكرون به وما يشعرون، وتأتي الورقة والقلم في تشكيل الرسومات على أنها أفضل وسيلة للتعبير عن أدق آمال الأطفال وأعمق مخاوفهم. يعد الرسم عملاً فنياً تعبيرياً يقوم به الطفل، وهو بديل عن اللغة المنطوقة، وشكل من أشكال التواصل غير اللفظية، وينتج من خلاله التنفيس عما بداخله، وانعكاس لحقيقة مشاعرهم نحو أنفسهم والآخرين كذلك. كما يمكن من خلال رسوماتهم تحديد شخصية الطفل، فحين يرسم ويعبر عمّ بداخله تكون لرسوماته العديد من الدلالات، وتعبّر عن محيطهم والدائرة التي ينمون بها. ولمعرفة المشاعر الدفينة التي تعكسها الرسومات دون مضايقته بأسئلة لا يملك لها أجوبة ولا يستطيع التعبير أو توضيح ما يشعر به أو حتى ما يعاني الطفل منه، والرسوم وسيلة لفهم العوامل وراء السلوك المشكل، وقد أثبتت الدراسات النفسية التحليلية للأطفال أننا نستطيع من خلال الرسم الحر الذي يقوم به الطفل أن نصل إلى أمور لا شعورية غير ظاهرة، فالقلم الذي يرسم به يرسخ من خلالها المواقف التي يعيش جزءًا منها بداخله، وتزرع به بذور الخبرات والمعرفة والاكتشاف. ولتفريغ وترجمة مشاعر الطفل وأحاسيسه ونمط تفكيره ودوافعه ورغباته وتوقعاته وحتى أحلامه وتخيلاته، جميعها تتطلب مهارات يصقل فيها الطفل سواء من الناحية العقلية والجسدية والسيكولوجية، معبراً عن ذاته والآخرين المحيطين به، وكيف يرى العام من حوله. ولا ينحصر تحليل الرسومات على الأشكال المختلفة إنما الجانب الذي يتم اختيار الورقة وزاويتها والبدء بها، والألوان التي يختارها والأشكال الذي يعبر عنها، جميعها مرآة عاكسة لدوافع الطفل.