تشهد محافظة شقراء اليوم الجمعة حدثين، يبدأ أولهما بعد صلاة المغرب، بافتتاح "مدرسة شقراء التاريخية"، التي أمر الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- بتأسيسها عام 1360ه، وخصص لها مجموعة من المدرسين، على رأسهم الشيخ عبدالمجيد الجبرتي، الذي تولى إدارتها، وتخرج أول فوج فيها عام 1364ه. ويٌقام الحفل بحضور عدد من وجهاء المدينة، ويشاركهم معالي الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع المستشار بالديوان الملكي وعضو هيئة كبار العلماء، والذي كان احد طلاب المدرسة ثم معلما فيها. ويعقب الافتتاح في الثامنة مساءً اجتماع الجمعية العمومية ل"جمعية التنمية والتطوير" بشقراء، وذلك بمقر المنتجع التراثي بالمدينة التاريخية بشقراء، لانتخاب مجلس إدارة الجمعية بدورته الثانية. وقد تأسست الجمعية عام 1440ه، ولها دور بارز في تطوير وتنمية شقراء، ودعم التنمية الاجتماعية، والبشرية فيها، وتلمس احتياجاتها، ورفعها للجهات المعنية، وإقامة البرامج والأنشطة، والفعاليات الاجتماعية، والثقافية المختلفة، وتكريم المتميزين. مدرسة شقراء التاريخية يأتي افتتاح "مدرسة شقراء التاريخية" بعد الانتهاء من أعمال ترميم المدرسة السعودية الأولى بشقراء، بمبادرة كريمة من شركة محمد وعبد الرحمن السعد البواردي، وبإشراف لجنة الحرف والتراث بشقراء، إذ تُعد المدرسة من أوائل منارات العلم والمعرفة بمنطقة الوشم، ومضى على تأسيسها قرابة 84 عاماً. وفي تعليقه على جهود ترميم المدرسة السعودية الأولى بشقراء، يقول الشيخ حمد الجميح رئيس مجلس إدارة جمعية التنمية والتطوير بشقراء إن ذلك ليس بمستغرب على شقراء، ومسؤوليها، وأهلها، ورجال أعمالها، فشقراء التي تتميز بالآثار التاريخية، والمساجد والأسواق ومدارس الكتاتيب، لا تدخر جهداً في العناية بتراثها التاريخي، وإرثها المعرفي. كما أن هذا الاحتفال مفيد في تعريف جيل اليوم بمكانة شقراء التعليمية، وجهود أبنائها، ووجهائها في الاهتمام بهذا الكيان التاريخي، وتوضيح الفوائد التي تعود على البلاد، من وراء تطوير الآثار التاريخية، والاهتمام بها. لماذا اختيار شقراء؟ ويقول د. عبدالله بن ناصر السدحان (وكيل وزارة التنمية الاجتماعية سابقاً) إن البيئة الاجتماعية في شقراء كانت مؤهلة لصدور قرار اختيار مدينة شقراء لتكون مع أوائل المدن التي أمر الملك عبدالعزيز (رحمه الله) بافتتاح المدارس فيها عام 1354ه في ست مدن هي: شقراء والأحساء وحائل وعنيزة وبريدة والمجمعة، على الرغم من وجود مدن أخرى أكبر من شقراء آنذاك، وأكثر سكانًا. وفي عام 1364ه تخرج من المدرسة أكثر من ثلاثين طالبًا، وكان عدد الطلبة الأوائل من الأول إلى الثامن على مستوى المملكة من مدرسة شقراء، وكان والده الشيخ ناصر بن عبدالله بن ناصر السدحان ضمن هذه الدفعة. ويشير د. عبدالله بن ناصر السدحان إلى ما ذكره د. مُحَمَّد بن سعد الشويعر أن عدد الطلاب المقبولين كان (32) طالبًا، وحين اقترب العام الدراسي بالمدرسة الأولى في شقراء من نهايته افتُتحت دار التوحيد في الطائف، وكان الملك عبد العزيز -رحمه الله- حريصًا على أن يلتحق بها أبناء منطقة نجد، ومنهم طلاب مدينة شقراء بطبيعة الحال، فكان أن أصبح نخبة من أهل شقراء نواة "دار التوحيد" التي أمر بافتتاحها الملك المؤسس (رحمه الله) في الطائف، ليسهموا في مسيرة النهضة العلمية للدولة الوليدة ذلك الوقت. كما أشار إلى أن الملك المؤسس رحمه الله كان خبيرًا بأهل شقراء، وولائهم، وصدق بيعتهم، ونبوغهم وحبهم للتعلم، وقدرتهم على استيعاب الجديد من المتغيرات الاجتماعية، ومن ذلك التعليم الابتدائي النظامي، وما كان لتلك الميزة الانفتاحية على الجديد متوافرة لولا وجود الانفتاح الاجتماعي على الذات، ومعرفة قدراتها العلمية والذهنية، للاستفادة من هذا الأسلوب الجديد في التعليم. حب أهالي شقراء للعلم والتعلم وقال د. إبراهيم بن محمد بن عبدالله أبو عباة (كاتب وأديب من أهالي شقراء) إن هذه المدرسة من أوائل منارات العلم، والثقافة والمعرفة بالوشم، ففي عام 1355ه صدر أمر الملك المؤسس بإنشاء عدد من المدارس، وكان نصيب شقراء منها مدرسة، وجرى انتداب نخبة من العلماء لها، وعلى رأسهم الشيخ عبد المجيد الجبرتي، وقد فتحت المدرسة أبوابها للطلاب عام 1360ه، وجرى استقبالهم في ثلاثة فصول. ومن منطلق حب أهالي شقراء للعلم والتعلم، بادروا بشراء مقر مناسب للمدرسة ب 200 ريال، وتتابعت عناية الأهالي بالمدرسة، فقاموا بتوسعتها، لتستوعب عددًا أكبر من الطلاب. فيما تتابع على إدارة المدرسة والتدريس بها نخبة ممتازة من العلماء المتميزين، منهم: الشيخ إبراهيم الجهيمان، والشيخ إبراهيم بن سعد الهدلق، والشيخ عبد الرحمن بن عبدالكريم، والشيخ إبراهيم الهويش، والشيخ صالح الحصين، والشيخ محمد المانع، والشيخ عبدالله أبو عباة، وغيرهم. صرح تعليمي ويرى الكاتب أ.عبدالله عبدالرحمن الغيهب أن الإنفاق على دور التعليم والحيلولة دون اندثارها هو دليل اهتمام المجتمع بدورها في بناء الأجيال، سواء بتشييد هذه الدور، أو المحافظة على القديم منها كرمز يذكر بمناسبة عزيزة حفرت مكانة لها في تاريخ المكان، وفي نفوس الأجيال. ويشير إلى أن مدينة شقراء وأهلها ووجهائها لهم باع طويل واهتمام ممتد في الوفاء لتراثهم، وما يمثله من قيم ورسالة ولعل الكثيرين من المواطنين شاهد الكثير من المنازل والأسواق والمساجد التي حظيت بإعادة ترميم وإصلاح بقصد المحافظة عليها، ومنها أول مدرسة نظامية في شقراء، أمر بتأسيسها الملك عبد العزيز رحمه الله. ويقول إن الباحث يوسف المهنا أعد كتابًا وثائقيًا عن هذا الصرح التعليمي (المدرسة السعودية الأولى بشقراء) وهي دراسة وثائقية، توضح أبرز المديرين والمعلمين لهذه المدرسة، وأثرها التعليمي في الإقليم، وسيجري تدشينه في حفل الافتتاح. الشيخ عبدالله المنيع حمد الجميح إبراهيم أبوعباة