تأتي ذكرى اليوم الوطني الثانية والتسعين لبلادنا لتحمل معها العديد من المعاني والدلالات، التي توجب علينا الوقوف إكباراً وتقديراً وإجلالاً لصُنّاع التاريخ، ورافعي راية المجد في هذا الوطن العظيم، منذ التأسيس وحتى هذه اللحظة. لنستذكر مراحل تقدم وطننا الشامخ، وتوحيده على يد الملك المؤسس عبد العزيز - رحمه الله - الذي قام ببناء دولة عظيمة رسخت ركائز وقيم العدل والمساواة، وتحكيم الشريعة الإسلامية في كافة شؤونها؛ ليقضي على الفرقة، والتشتت والخوف، وينشر الأمن والأمان، ويجمع شتات البلاد المترامية الأطراف في ظل دولة واحدة. ونحن إذ نستذكر هذا اليوم العظيم، وجب علينا الفخر بتلك الملاحم الوطنية التي سطرها الملك المؤسس - طيب الله ثراه - وجنوده المخلصون الأوفياء، الذين بذلوا الجهد والمال والأنفس حتى تم توحيد هذا الوطن، تحت راية العز الخضراء التي جمعت قلوب أبناء الوطن حول قيادة واحدة، ورسم خارطة مشتركة لوطن واحد. ليسير من بعده أبناؤه البررة الملوك - رحمهم الله -، بنفس المنهج القويم والملك الحكيم، وصولاً إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله -، وبلادنا تعيش في نماء وخير وتطوير. في ذكرى يوم الوطن تمتزج عبارات الفرح بعبارات الفخر والاعتزاز تمجيداً لوطن هو الخير والعطاء هو النور والضياء، هو أريج العطر ونسمة الهواء، هو من الألف إلى الياء - مجدٌ وعزة، بذلٌ وسخاء. إنها بحق مناسبة غالية محفورة في الذاكرة والوجدان، ففيها تحقّق التكامل والوحدة، وأزيلت الفرقة والتفكك، هو اليوم الّذي يشهد له التاريخ بمدى التطوّر والازدهار الّذي حصل في وطننا على مر العصور. لقد أصبحت المملكة في هذا العهد أنموذجاً يحتذى به في العمل الجاد لتعزيز القيم الإنسانية النبيلة، وتحقيق التنمية الشاملة من خلال رؤية 2030 كإستراتيجية وطنية تنموية، تغطي كافة المجالات والقطاعات الحيوية، بخطة عمل مبنية على محاور الرؤية الرئيسة الثلاثة وهي (مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر، وطن طموح). فالمتأمل لمسيرة مملكتنا ونحن نحتفل اليوم في هذه الذكرى العزيزة على قلوبنا جميعاً قيادة وشعباً، يجد في نفسه حيزاً كبيراً من الاعتزاز الوطني والفخر الذاتي فيما تحقق في الحاضر من الرقي الاجتماعي والاقتصادي والرفاه المعيشي الذي أصبح المواطن السعودي يرفل بخيراته، كنتيجة طبيعة للسياسات العامة التي تنتهجها الدولة دائماً مستندةً بذلك إلى مصلحة الوطن والمواطن في توازن حكيم وفريد أثبت على مر السنين قدرته على مواجهة التحديات. فقد شهدت المملكة رخاء اقتصاديًّا وتقدمًا ملموسًا في مجالات التنمية الاجتماعية والاقتصادية كافّة، كما أنّها أحدثت تحسّنًا واضحًا في مجالات التنمية البشرية، مثل تحسين مستوى المعيشة إلى جانب الخدمات الصحية والتعليمية والظروف البيئية كافّة، بالإضافة إلى الإمكانيات الشاملة للتنمية، فعلى مدى عشر سنوات حقّق الاقتصاد الوطني معدل نمو متقدماً «سنويًّا»، كما ازداد التنوّع في القاعدة الاقتصادية، إذ شكّلت القطاعات غير النفطية ناتجًا إجماليًّا متقدماً. إن وطننا اليوم يسابق الزمن نحو بناء مستقبل متطور وزاهر، ولنا في المشاريع الجبارة في نيوم، والقدية، والبحر الأحمر، وذا لاين، والعلا والكثير من المشاريع التي ستغير خارطة وشكل المملكة، خير شاهد ودليل على الرؤية الثاقبة، والتخطيط المحكم، والعمل الدؤوب لقيادتنا الحكيمة. اثنان وتسعون عاماً.. عام يأتي وعام يمضي، وكُل عام يُخلد حب الوطن أكثر من الّذي مضى في هذا اليوم يتجدد التأكيد بالمحبة والولاء للوطن وقيادته. إن هذا اليوم تتبلور معاني التلاحم والتعاضد بين القيادة والمواطن لتتجسد عناوين الترابط والوفاء والولاء للوطن، والإخلاص له فتتوحد الجهود وتنصهر الطاقات، ويكون العمل على نهج واحد، صفاً واحداً، وكلمة واحدةً؛ لنكون جميعاً حصناً متيناً يحمي كيان الوطن، ويقوض الأخطار من حوله، فنقف سداً منيعاً في وجه الفرقة والفتن، وتتكسر أمامنا صخر الطامعين وأحقاد المعتدين.