بعد أن تتأمل حروف "اسمك" المكتوب على الكوب، وصورة "الحورية" المطوقة بالخضرة، هل خطر في بالك أن "ستاربكس" عند تأسيسها كانت تبيع أكياس البن ومكائن صنع القهوة؟ فلا مشروبات ولا مأكولات، حتى جاء مدير عام التسويق (هاورد شولتز)، واقنع المالك ببيع الشركة له مع مجموعة من المستثمرين، وما أن تولى شولتز منصب الرئيس التنفيذي بعدئذ إلا وقد احدث التحول الأكبر: نقل "ستاربكس" من مفهوم "المحمصة" إلى سلسلة المقاهي الأشهر عالميا. قصص التحولات في عالم الأعمال كثيرة، وهنا تكمن أهمية مراجعة استراتيجية الشركة وتعديلها أو استبدالها باستراتيجية مختلفة تماما عما أريد لها (إعادة تعريف)، فمثلا شركة (IBM)، كانت تواجه خسائر في بداية التسعينات، وعلى إثر ذلك اتخذت قرارا تاريخيا بالتوقف تماما عن إنتاج أجهزة الحاسب (hardware)، والتركيز على تطوير برامج الحاسب (software) وتقديم استشارات تقنية المعلومات. أما "أميركان أكسبرس"، فقد أسست عام 1850 على أنها شركة بريد سريع، ثم أضافت خدمة التحويلات المالية، ثم قررت بعد ذلك أن تدخل عالم البطاقات الائتمانية. الطريف أن شركة "ريغليز"، كانت تبيع الصابون عام 1891، وتوزع معه علبة "خميرة"، فاشتهرت الهدية، وتوقفوا عن إنتاج المنتج الأساسي (الصابون)، ثم صاروا يبيعون الخميرة، ويوزعون معها هدية (علبة علك)، ومرة أخرى طغت الهدية على المنتج الرئيس، فقررت الشركة صناعة العلك (أبو سهم!). شركة (LG) الكورية لم تكن تنتج الصابون عند تأسيسها 1947، وإنما كانت تبيع كريمات للبشرة، حتى جاء عام 1958 وقررت إدارتها عندئذ التوقف عن إنتاج مستحضرات التجميل واقتحام مجال الإلكترونيات، بينما "أمازون" بدأت عام 1995 كمتجر إلكتروني أميركي متخصص في بيع الكتب، وبعد سنوات تحولت إلى سوق إلكتروني عالمي يبيع كل شيء! حتى لو كنت فردا، فقد تصل إلى مرحلة يتوقف فيها التقدم، أو أن تقف أمام مفترق طرق، فلا تعلم إن كنت في المسار المهني الصحيح، ولا تعرف مدى حاجتك إلى تغيير طبيعة وظيفتك ضمن المهنة، أو تغيير المهنة تماما. صادفت كثيرين، كان البعض منهم في مسار لكن بعد وقفة مع الذات غيروا مساراتهم تماما، زملاء على سبيل المثال بدؤوا في الموارد البشرية وقرروا بعد فترة أن ينتقلوا إلى التسويق أو إدارة المشروعات. لا يضر أنك تطرح على نفسك الأسئلة إن كنت تسير في الاتجاه الصحيح، أو أنك تحتاج إلى الانعطاف يمينا أو يسارا، أو حتى الرجوع إلى الوراء قليلا، لكي تنطلق بقوة، فلا بأس في ذلك، فأنت تستطيع دوما أن تعيد تعريف ذاتك، وتستعين ب"مرشد مهني"، ليساعدك على الإجابة عن الأسئلة المحورية (من أنا؟ وماذا أريد؟)، كي تظل تمارس العمل الذي يعطي حياتك معنى، ويبقي شغفك مشتعلا! لا تيأسوا من محاولات النجاح من جديد، ولا ترتعبوا إن كنتم تتلمسون الطريق رغم الوقت الطويل على انطلاق الرحلة!