حرصتُ في هذه الأسطر أن أدّون شيئاً يسيراً مما أعرفه عن سيرة العم عبدالله بن إبراهيم الهويش - رحمه الله -، وهو من رجالات الدولة الذين يستحقون أن تبرز سيرهم، وينشر تاريخهم، وتبرز جهودهم العلميّة، وتذكر مواقفهم. ولد العم عبدالله بن إبراهيم بن عبدالله الهويش في اليوم الثالث من شهر ذي القعدة من عام 1363ه في مدينة شقراء عاصمة إقليم الوشم، ونشأ في أسرة علم ودين، فوالده هو جدِّي الشيخ الجليل إبراهيم بن عبدالله الهويش الذي ولي القضاء لأكثر من أربعين سنة كان آخرها محافظة مرات. والدته هي نورة بنت ناصر العيد، امرأة بلغت مبلغها في الصلاح والتقوى وسلامة القلب ومحبة الخير للناس، وعمته التي عاشت معه في منزله شقيقة والده: دليّل، وقد سبق أن كتبت عنها وعن سيرتها مقالاً، وقد تميزت -رحمها الله- بالعلم والتقوى والهيبة والحكمة وقيام الليل والحرص على أبناء شقيقها الشيخ إبراهيم، فهي تشعر وتعاملهم كأنهم أبناؤها، وأنها والدة لهم. درس العم دراسة نظامية فتخرج في كلية الشريعة بالرياض عام 1392ه. وعمل في التعليم قرابة عقد من الزمن، ثم إلى وزارة العدل، ثم إلى الرئاسة العامة للإفتاء وتقلد فيها عدة مناصب آخرها كبير باحثين بهيئة كبار العلماء. كان العم عبدالله - رحمه الله - شخصية مميزة في علمه، فكان قارئاً بالدرجة الأولى لا يكاد الكتاب يسقط من يده، يقرأ كل العلوم والفنون وتارة يكتب بعض الفوائد التي تمر عليه ويدونها، وقد جمع جزءًا من هذه الفوائد في كتابه الماتع (ألوان من الفكر). كان العم عبدالله شخصية مميزة في صلاحه، فكان عابداً زاهداً ليس له حظ من الدنيا، راغباً في الآخرة، وكان من عادته الجميلة أنه كان يصلي بأهله ووالدته وعمته / دليّل صلاة التراويح وقيام الليل في رمضان، يصلي فريضة العشاء مع الإمام ثم يعود ليؤم أهله بالتراويح. ألف العم عبدالله عدداً من الكتب بعضها طبع وبعضها لم يطبع منها: (ألوان الفكر، ومحكمة الضمير، ومن رواد التعليم والقضاء، وأضواء على حياة العالم الزاهد عبدالعزيز بن إبراهيم الهويش، والقاضي الأديب محمد بن إبراهيم الهويش). كان للعم عبدالله دروس داخل بيته يقرأ عليه بعض أفراد أسرته، وأبناء إخوانه وأخواته، وكان -رحمه الله- يحرص على إفادتهم. كان العم عبدالله شاعراً مبدعاً، ومرجعاً في تاريخ الأسرة عالماً بكثير من معلوماتها وأخبار أفرادها محققاً لكثير من إنجازاتها. للعم عبدالله زيارات كثيرة لمحافظة شقراء موطن الأسرة، ومسقط رأسه، ويحرص إذا وصلها على زيارة أعيان البلد وأدبائه ومثقفيه، وأهل التراث فيه، ويدون كثير من المعلومات ويوثقها. لم أرَ رجلاً لديه من الجلد والحماس إذا هم بأمر مثل ما رأيت في العم عبدالله، فإذا هم بفكرة علميّة، لم يهدأ له بال ولم يقر له قرار حتى ينجزها ويتمها. كان محباً لأسرته الصغيرة ولبيته، كثير الجلوس فيه بسبب شغفه بالقراءة. كان - رحمه الله - واصلاً للرحم حريصاً على زيارة أقاربه، وكان يحرص على زيارة والدي، ويسأله كثيراً ويعتز به، حتى أنه ألف كتاباً عنه. لم يمهل المرض العم عبدالله كثيراً، فقد زاد عليه وألزمه الفراش، وكان صابراً محتسباً، حتى لقي الله يوم الخميس الموافق 6 / 1 / 1444 ، ودفن في مقبرة المنصورية. جعل الله الفردوس الأعلى مكانه ووالديه وكل من نحب. الراحل عبدالله بن إبراهيم الهويش «رحمه الله»