عندما تستعرض بعض الإعلانات الوظيفية، وتصوب عينيك نحو قسم "المزايا"، لا تملك إلا أن تضحك وتتعجب، فتلك التي تسمى "مزايا" ليست سوى حقوق أساسية للموظف (راتب، تأمينات اجتماعية، تأمين طبي، أيام إجازة بالحد الأدنى)، ولم يزد عليها شيء لكي تتخذ صفة "المزايا" المغرية! "التفنن" في تقديم تعويضات للموظفين سمة لا تتمتع بها الكثير من شركاتنا، ولا نقصد الشركات المتعثرة فهي في حل إلى أن تتحسن أوضاعها، وإنما نعني الشركات الكبرى ذات الأرباح العالية، فهي دوما مطالبة بخلق بيئة عمل محفزة، وتشجيع موظفيها على العمل والإبداع والبقاء. وتنقسم تعويضات الموظفين إلى فئتين: مباشرة، وغير مباشرة. فالتعويضات المباشرة، تكون نقدية وتدخل في "جيب" الموظف عاجلا أم آجلا، وهي: (1) الراتب الأساسي مع مختلف البدلات، (2) زيادات الراتب المرتبطة بالأداء، (3) الحوافز وتشمل المكافأة السنوية (البونص)، والعمولات، وخيارات أسهم الموظفين، وغيرها، (4) التعويضات المؤجلة مثل البرامج الإدخارية والتقاعدية التي تضعها الشركات لموظفيها. أما التعويضات غير المباشرة، فهي تأخذ صورة المنافع ولا تكون نقدية، وإنما عينية، وهي: (1) الخدمات، مثل السيارات، والمرافق الترويحية في أماكن العمل، والوجبات المجانية أو المخفضة، (2) الإجازات المدفوعة بأنواعها، (3) برامج الحماية، كالتأمين الطبي، والتأمين على الحياة. ومن تعويضات الفئة الأولى تأتي برامج أسهم الموظفين (employee stock options)، حيث تتيح للموظفين شراء وتملك أسهم في الشركة، والتصرف فيها وفق ضوابط معينة ترتبط غالبا بمرور الأعوام بهدف إغراء الموظف على البقاء طويلا في الشركة. وتعزز برامج الأسهم هذه انتماء الموظفين لشركتهم وتحفزهم على مواصلة العطاء بمستويات مرتفعة مدركين ارتباط العلاقة بين مصلحة الشركة ومصالحهم الشخصية. قانونيا، تجيز الأنظمة واللوائح الخاصة بالشركات منح الموظفين أسهما وفق ضوابط وآليات معينة، إلا أن هذه الرخصة لم يستفد منها على نطاق واسع، وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل: لماذا لم تنتشر برامج أسهم الموظفين؟ هناك مجموعة من الشركات المساهمة العامة لديها برامج أسهم للموظفين، وهي بادرة لا تحفز الموظفين على العطاء والبقاء فحسب، بل تحميهم من عمليات إعادة الهيكلة، وتوفر لهم بعدا جديدا من الحماية. في دراسة أوردتها شركة "غلوبال شير" التابعة ل"جي بي مورغان" أشارت أن الموظفين في الشركات الناشئة في الولاياتالمتحدة يملكون ما نسبته 20 % من رأس مال الشركة، مقارنة بنسبة 10 % في الشركات الناشئة في أوروبا، فيما حددت هيئة السوق المالية في السعودية الطلبات المتعلقة ببرامج أسهم الموظفين في الشركات المدرجة بالسوق بألا تتجاوز 15 % من رأس المال في أي وقت من الأوقات. في المرات القادمة، عندما يأتي أحد كبار التنفيذيين متحدثا أمام الموظفين "أنتم شركاؤنا"، ومكتفيا بتوزيع شهادات الشكر، فعليه أن يعود ويخبر مجلس الإدارة بأن "الورق المصقول" لا يسدد فواتير الموظفين، وأن عليهم أن يفتحوا "الكيس"، وفي تلك الحالة سيكون الموظفون بحق وحقيقة "شركاء" للشركة!