مع توسع المنظمات وتمدد أنشطتها تبرز الحاجة لضرورة وجود مركز لإدارة العملّيات التواصلية يعرف باسم "المركز الإعلامي"، يتولى مهمة إنتاج المواد الاتصالية ونشرها وتوثيقها، وبالطبع من السهل تجهيز الموقع وشراء الأجهزة والمعدات وكذلك استقطاب الكفاءات لإطلاق مركز إعلامي متقدم؛ ولكن هل يكفي كل ذلك لنجاحه وتحقيق أهدافه؟ قد لا يتفق جمهور الاتصاليين على شكلٍ واحد للمراكز الإعلامية، إذ ينقسم خبراء علوم التواصل إلى مدرستين اثنين للمراكز الإعلامية، الأولى أن يقوم المركز بجميع المهام الاتصالية من تخطيط وتواصل وإنتاج ونشر وتحليل، بينما يختص في المدرسة الثانية بإنتاج المواد الإعلامية فقط، مثل: التصوير والمونتاج والتصميم ونحو ذلك، ليقوم فريق آخر بإدارة التواصل الخارجي والتواصل مع ممثلي وسائل الإعلام. بالتأكيد استقطاب الكفاءات المتخصصة هو أولى لبنة تأسيسية تؤدي إلى نجاح المركز، غير أن قصة النجاح لا بد أن تبدأ عبر صياغة رسالة ورؤية المركز واتفاقها مع رؤية ورسالة المنظمة، ثم تحديد أهدافه والمستهدفات السنوية، ثم العمل على تحديد الممكنات، من توفير الموقع المناسب بالهويّة المؤسسية، وتجهيز البينية الأساسية من الحواسب والاستديو التلفزيوني والإذاعي، صالة الرصد والتحليل، غرف العصف الذهبي والكتابة، مكاتب التحرير، قاعات الاجتماعات والمؤتمرات الصحفية. ولينجح المركز لا بد من الاتفاق على خطة تنفيذية واضحة، تربط مخرجاتها بأهداف المركز، تشمل نوعية القوالب الفنية وقنوات النشر، والجدول الزمني لتنفيذ تلكم المشاريع والبرامج وتوقيت نشرها، حتى يمكن المتابعة وتجاوز التحديات في حينها، ومما يسرع الإنتاج اعتماد أطر حوكمة مكتوبة، عبر أدلة سياسات وإجراءات، تجعل من العمل ميسراً وواضحاً، وتسهل العمل في الحالات العاجلة. ولا تكتمل دورة العمل بالنشر فقط، بل من الضروري رصد وتحليل ما ينشر من المركز، وما ينشر ذو علاقة بالمنظمة، بالإضافة إلى وجود نظام رقمي لتوثيق منتجات مراحل الإنتاج وتصنيفها في مكتبة رقمية، يسهل البحث فيها. يتميز المركز الإعلامي أنه ميدانٌ حقيقي للعمل الإعلامي، وهو بيئة مناسبة للتدريب على رأس العمل، وفرصة رائعة التدوير الوظيفي بين منسوبي المركز. أيضاً هناك مراكز إعلامية تُنشأ لهدف مؤقت، مثل عقد مؤتمر أو فعالية كبرى، بغرض تسهيل تغطية وسائل الإعلام للحدث، فيجب هنا أولاً توفير الموقع المناسب القريب من الحدث -يفضل أن يكون داخل المبنى نفسه-، مما يمكّن ممثلي وسائل الإعلام من التفاعل السريع، بالإضافة إلى توفير أجهزة حساب آلي مجهزة بالبرامج المفتوحة والطابعات، وبالطبع مرتبطة بشبكة "واي فاي" وإنترنت فائقة السرعة، مع شاشات تنقل الحدث مباشرة للمركز الإعلامي، أيضاً توفير ملفات مشاركة تحتوي كافة معلومات الحدث وعلى صور والمقاطع المرئية الخام من الحدث، تحدث بشكل تلقائي. وتجهيز موقع تصوير لتسجيل اللقاءات والتغطيات بهويّة الحدث. حجر الزاوية في نجاح أي مركز إعلامي هو التخطيط المبكر وتوزيع المهام، مما يُمكن من إنجاز مواد نوعيّة، وتحقيق أثر واسع.