لم تغفل الرؤية المباركة الإنسان والفعل الثقافي ضمن مرتكزاتها؛ فقد وضعتهما في قلب اهتمامها. ولذا فمن الطبيعي أن نشهد هذا الحراك الثقافي بامتداداته اللافتة حاملاً مشعل الوعي والاستنارة مدفوعاً بانبثاقة وعي متجدد ومتواتر، ناشراً إشعاعه المعرفي والحضاري؛ ومتّخذاً من إنسان هذه الأرض منطلقاً ومرتكزاً لمشروعه ورؤاه المستقبلية. ويتبدّى العزم بالمضيّ قُدُماً في هذا المشروع مصطحباً معه قناعة راسخة بأنّ مفهوم الثقافة يتجاوز التعريفات التقليدية الشائعة، وأنها بوظائفها وأدوارها المعرفية والتنويرية تشكّل سلاحاً من أسلحة العولمة الآخذة في التمدُّد ويتوسّع نطاق حضورها في شتى مناحي وحقول الحياة ورأسمالياتها الرمزية. وتبرز قيمة الثقافة ودورها المجتمعي باعتبارها تراكماً من العمل سواء الفني أو الذهني وبالصيرورة التي تُحدثها الثقافة ويحصل بها الارتقاء الروحاني والذهني وبالقيم والعادات والتقاليد والممارسات الرمزية التي يوظفها الرجال والنساء في الحياة؛ وأخيراً الطريقة الكلّيّة المُعتمَدة في الحياة؛ كما يشير الباحثون وعلماء السوسيولوجيا الثقافية. من هنا فإن أبناء وبنات هذا الوطن يغتبطون بهذا الاحتفاء والحفاوة الكبيرين بالثقافة وقدرتها على إحداث ممازجة رائعة بين ثقافة وطننا الأصيلة المتجذّرة في التاريخ وبين متطلّبات واستحقاقات المرحلة التي نعيشها حاضراً بما تشكّله من تحديات في عالم آخذ في التمدّد والتعولُم ولا يقبل بغير الإبداع والوثبات الحضارية الفارقة التي تجعلنا نلتحم في نسيجها الكوني الفسيح. الثقافة بلا شك سلاح قوي وقوة ناعمة تلعب دوراً رائداً في مسيرة الدول المتحضرة؛ وهو ما يجعل الحراك الثقافي هذه الأيام تأكيداً على جدّية وأهمية الثقافة كمؤشّر فارق ومهم في صياغة الوعي وصناعة الاستنارة وإرهاف الذائقة والتسامي بالسلوك والأفكار. واليوم تجري الاستعدادات والتحضيرات لمعرض الرياض الدولي للكتاب 2022 خلال مؤتمر الناشرين في نسخته الثانية 27 و28 سبتمبر المقبل في الرياض وتنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة وتبحث فيه مستجدات صناعة النشر المحلية والإقليمية والدولية بمشاركة خبراء وقيادات في قطاع النشر من مختلف الدول وتدرس الآفاق المستقبلية لصناعة الكتاب والنشر كما يناقش تصدير الثقافة السعودية إلى الخارج إلى جانب تحديات النشر وسبل الاستفادة من الثورة الرقمية وتقديم أفضل الممارسات الدولية في تسويق الكتاب وطباعته ونشره وترجمته.