ثمة ما يضاعف البهجة ويدعو للحبور في نسخة هذا العام من معرض الرياض الدولي للكتاب، فهو إلى جانب رمزيته وتأكيده على فاعلية الثقافة، ودوره أيضاً في تعزيز وتنمية شغف القراءة في المجتمع، وكذلك زيادة الوعي المعرفي والثقافي والأدبي والفني، فإنّه يعكس حالة التمدد الأفقي الناجع للمعرض، وريادته العالمية، عبر العديد من المناشط الثقافية المختلفة التي تعد إضافة مميزة في مسارات التطوير والمواكبة الحصيفة لرؤية المملكة 2030 المعززة والمحفزة لصناعة الثقافة باعتبارها من مقومات جودة الحياة. الأنشطة المصاحبة والفعاليات والورش وجناح الطفل الذي يعد رهاناً على المستقبل، وكذلك الفعاليات الفنية والموسيقية والعروض العالمية جميعها تعضد مسارات الثقافة المتنوعة، وهو ما يؤكد أن المعرض لا ينحصر دوره في بيع الكتب ولقاء الناشرين والمثقفين وغيره، بل هو منصّة عالمية تستوعب كل الأنساق الثقافية والإنسانية، باعتبار أن الثقافة في جوهرها حوار بين الأنساق الثقافية وتبادل الأفكار وتلاقح الثقافات، وفضاء إنساني يستوعب كل التغاير والاختلاف، ويمنح الجميع فرصة الاستفادة من الأفكار والمشتركات الإنسانية المختلفة. لا شك أن المعرض في هذه النسخة هو ترجمان لحالة الحراك غير المسبوق الذي تشهده المملكة وطال جميع الأنساق لا سيما الثقافة، التي تحظى بدعم كبير من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده -حفظهما الله- اللذين سخرا كلّ الإمكانات لتعضيد هذا المسار الثقافي وتأكيد عالميّته من خلال ما يتيحه المعرض من فرص ثقافية واقتصادية وإنسانية أيضاً، يتبدّى ذلك عبر جدول الفعاليات والورش والأجنحة للعارضين، والبرنامج الثقافي الذي يتجاوز المحلية والعربية للعالمية، عبر متحدثين عالمين لإثراء هذا اللقاء والمحفل الثقافي في بعده الإنساني العميق. يبقى التأكيد على أن هذا التطور الذي صاحب هذه النسخة من المعرض هو ثمرة دأب واشتغال حقيقي على الأفكار والتخطيط الاستراتيجي المسبق، الذي ينطلق من رؤية معيارية وضعت سقفاً غير محدود للإبداع والانفتاح على الرؤى والأفكار، وتطوير النموذج الثقافي بما يتماهى مع التحول الوطني والرؤية 2030 التي جعلت من الثقافة نمط حياة يُفضي لجودة الحياة ويساهم في تحقيق مرتكزات الرؤية، لنكون مجتمعاً حيويّاً يعيش اقتصاداً مزدهراً.