تتجدد فصول المفاجآت في باكستان، وفي مسار دراماتيكي للأحداث السياسية، فاز حزب الإنصاف ورئيس الوزراء السابق عمران خان ب15 مقعدًا من أصل 20 في الانتخابات الفرعية في اقليم البنجاب، كانت مطروحة للتصويت في مجلس الإقليم المؤلف من 371 عضوًا، وبذلك يرتفع عدد المقاعد التي يشغلها الحزب وحلفاؤه في مجلس النواب في البنجاب إلى 188، أي أكثر بمقعدين من الأغلبية البسيطة البالغة 186 مقعدًا اللازمة لحكم المقاطعة، الأمر الذي سيؤدي للاحاطة بحكومة حزب الرابطة الاسلامية (جناج نواز) وعودة حزب عمران للحكم في إقليم البنجاب، وأصبح يهدد الحكومة الفيدرالية كونها لم تعد تملك أغلبية البرلمان بعد فوز حزب عمران في البنجاب. ويستعد إقليم البنجاب اليوم الجمعة، لعقد جلسة لحصول رئيس الوزراء للثقة، حيث رشح حزب عمران المعارض، شودري برويز الهي شريك الائتلاف المعارض لرئاسة الاقليمية، فيما رشح حزب شريف، حمزة شهباز رئيس الوزراء الحالى للاقليم والذي من المتوقع ان يخسر منصبه. وأكد المراقبون الباكستانيونل»الرياض» أنه بفوز حزب عمران ب20 مقعدا بإقليم البنجاب، أكد أنه لا يزال قوة انتخابية لا يمكن الاستهانة بها في معقل شريف الذي ظل على مر العقود، معقلا للرابطة الإسلامية الباكستانية جناح نواز شريف، الذي تولى رئاسة الوزراء ثلاث مرات. وشكلت الانتخابات الفرعية اختبارا لشعبية نجم الكريكت الدولي السابق الذي أطيح بحكومته جراء تصويت على حجب الثقة في أبريل الماضي. واستطاع حزب الإنصاف اكتساح الانتخابات في البنجاب، أكبر الأقاليم الباكستانية سكانا وأكثرها تأثيرها في المشهد السياسي، حيث يمتلك هذا الإقليم أكثر من نصف مقاعد البرلمان، وتكون الفرصة سانحة للفائز في انتخاباته المحلية لتشكيل الحكومة الفدرالية لاحقا. وفاز حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية بزعامة رئيس الوزراء الحالي شهباز شريف ب4 مقاعد. وتعزو مصادر الحزب الهزيمة، بنقاط ضعف حزب الرابطة الإسلامية، مثل الخلافات الداخلية حول ترشيح الأعضاء، وهو ما أدى إلى تقسيم القاعدة الشعبية للحزب، بالإضافة إلى عدم وجود خطة واضحة أو حملة انتخابية قوية له، وينظر إلى هذه النتيجة على أنها مؤشر لما سيحدث في الانتخابات العامة المقررة في أكتوبر 2023. ويعد فوز حركة الإنصاف ضربة موجعة لرئيس الوزراء، شهباز شريف، الذي يتزعم الرابطة الإسلامية الباكستانية، والائتلاف الحكومي الحاكم الذي سارع في عقد سلسلة من الاجتماعات مع شركاء الائتلاف لإدارة الأزمة حيث قدم الائتلاف الحكومي عرضا لمرشح عمران، لمنصب رئيس وزراء البنجاب برويز الهي، ان يتقلد المنصب ويدخل شريكا في الائتلاف الحكومي. ودعا عمران خان مجددا الى عقد انتخابات مبكرة بعدما سيطر حزبه على البرلمان المحلي في البنجاب وقال الباحث والمحلل السياسي مدثر عزيز، في تصريحات اعلامية إن الدوائر العشرين التي تم الاقتراع بها، لم تكن تنتمي لحزب الرابطة الإسلامية؛ حيث فاز حزب الإنصاف أو المستقلين بأغلبها في انتخابات 2018، وبذلك يمكننا القول إن حزب الإنصاف احتفظ بمقاعده السابقة بالإضافة إلى 7 مقاعد أخرى. ونظم خان خلال الأسابيع القليلة الماضية احتجاجات على رفع أسعار الوقود. ويحمّل خان الحكومة مسؤولية الارتفاع الكبير في التضخم، مع أن أغلب المحللين يتفقون على أن شريف ورث الأزمة الاقتصادية في البلاد التي يرجح أن تخف وطأتها مع توقيع اتفاق الأسبوع الماضي مع صندوق النقد الدولي لمعاودة تنفيذ خطة المساعدة البالغة قيمتها 7.2 مليارات دولار. ومن المتوقع أن تتلقى البلاد 4 مليارات دولار أخرى من دول صديقة هذا الشهر لتجنب شبح العجز عن سداد التزامات مالية دولية. ورأى الخبراء نتائج الاقتراع في البنجاب جاءت جراء الصعوبات الاقتصادية في البلاد التي تنفق نحو نصف عائداتها على خدمة الدين الخارجي. واضطر شريف لتحقيق شروط صندوق النقد إلى رفع الدعم عن المحروقات، وذلك ما زاد الأسعار بنسبة 50 % في أقل من شهرين. ويتوقع أن تنتهي فترة حكم حمزة شريف، نجل رئيس الوزراء الباكستاني، القصيرة على رأس حكومة الولاية اليوم. وترى اوساط باكستانية أن الناخبين أرادوا، من خلال التصويت في البنجاب، إبلاغ رسالة إلى المسؤولين في البلاد عن المعاناة الاقتصادية التي يعيشونها. ونقلت قناة «جيو نيوز»عن المعلق السياسي حسن عسكري، قوله إن فوز عمران خان بالبنجاب سيزيد الضغط لإجراء انتخابات جديدة، بينما قال رانا افتخار، إن فوز عمران في البنجاب الانتخابات سيؤثر على السياسة المستقبلية لباكستان.. اما المحلل مدثر عزيز قال إن فوز الإنصاف سيؤثر على موقف حكومة التحالف، ومن المؤكد أنه سيزيد من الضغط السياسي عليها لإجراء انتخابات عامة مبكرة، ولكنه لن يؤثر بشكل مباشر على الحكومة الفدرالية، بل على حكومة المقاطعة فقط. وتختلف تقديرات المحللين حول انعكاسات تقدم حزب الإنصاف في البنجاب على الانتخابات العامة المقبلة؛ فيقول مدثر عزيز إن ذلك ليس مقياسا على الإطلاق، فالسيناريو مختلف تماما ما بين الانتخابات المحلية والعامة. ورأى أن الإنصاف سيفوز إذا جرت انتخابات عامة مبكرة خلال هذا العام، ولكن إذا تأخرت إلى العام المقبل، فإن السيناريو يمكن أن يتغير. بينما قال زاهد إنه بالرغم من فوز حزب الإنصاف في البنجاب، فإن هذا غير مضمون في الانتخابات العامة المقبلة عام 2023. ويحتاج حزب الرابطة الإسلامية للفوز على الأقل بنصف المقاعد المتاحة حاليا في البنجاب، وهذا مستبعد في ظل حصول حزب عمران على الاغلبية.. وتشهد الباكستان أزمة اقتصادية خانقة تسعى الحكومة إلى معالجة أزمة الدين الخارجي، الذي ورثت جزءا كبيرا منه عن إدارة عمران خان.