تقود المملكة العربية السعودية حراكا دبلوماسياً لدعم تمديد الهدنة السارية بين الحكومة الشرعية اليمنية وميليشيات الحوثي مع التشديد على ضرورة الالتزام الكامل ببنود الهدنة وفتح طرقات تعز وصرف رواتب الموظفين المدنيين، للتخفيف من معاناة الشعب اليمني الناجمة عن الحرب الانقلابية المدعومة من النظام الإيراني. وحرّكت الجهود الدبلوماسية السعودية حراكاً دولياً وأممياً واسع النطاق، حيث عززت من اهتمام المجتمع الدولي والأممالمتحدة والخماسية الدولية بشأن اليمن، وقدمت كافة التسهيلات لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن، هانس غروندبرغ. كما وضعت ملف إنها الحرب الانقلابية المدعومة إيرانياً وتمديد الهدنة السارية الحكومة الشرعية والميليشيات الحوثية ضمن أولويات الإدارة الأميركية وفي طاولة مناقشات قمة جدة للتنمية والأمن التي أكدت في بيانها المشترك على الدعم القوي للهدنة التي توسطت فيها الأممالمتحدة في اليمن وشددت على أهمية تمديدها وإحراز تقدم لتحويلها إلى اتفاق سلام دائم. وقد أعرب الرئيس الأميركي جو بايدن عن تقديره للدور الذي لعبه الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان في التوصل إلى الهدنة في اليمن والعمل من أجل تمديدها، كما دعت القيادتان السعودية والأميركية في بيان مشترك لهما المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف موحد يدعو الحوثيين للعودة إلى محادثات السلام تحت رعاية الأممالمتحدة على أساس المراجع الثلاث، بما في ذلك قرار مجلس الأمن رقم 2216 (للعام 2015). وتعمل إيران جاهدة لعزل اليمن وتحويله إلى ملف منسي عبر إغراقه في الحرب والخراب وتعزيز الكارثة الإنسانية الناتجة عن الحرب الانقلابية، فيما كثفت المملكة العربية السعودية جهودها الدبلوماسية لحشد الاهتمام الدولي ولفت اهتمام الفاعلين الدوليين بالاتجاه الذي يدعم مساعي السلام وإيقاف الحرب الانقلابية المدعومة إيرانياً. في السياق، عقدت المجموعة الخماسية بشأن اليمن، اجتماعا افتراضياً الثلاثاء، حضره مسؤولون رفيعو المستوى من السعودية والإمارات وسلطنة عمان، والولايات المتحدة الأميركية، وبريطانيا، لمناقشة الوضع في اليمن ودعم جهود تمديد الهدنة السارية. ورحبت الخماسية بحزمة الدعم الاقتصادي السعودية - الإماراتية المشتركة لليمن البالغة 3 مليارات دولار، والتي أعلنتا عنها في شهر إبريل، إلى جانب التزام بمنحة إضافية من السعودية بمبلغ 200 مليون دولار لتوفير مشتقات بترولية لتشغيل محطات توليد الكهرباء في اليمن. وأعربت في بيانها عن تأييدها التام لجهود مبعوث الأممالمتحدة الخاص الرامية إلى توسيع وتمديد فترة الهدنة، إضافة إلى التطبيق الكامل لجميع بنودها". واتفقت المجموعة "على ضرورة أن تكون الغايات النهائية للعملية بقيادة الأممالمتحدة هي تحقيق وقف إطلاق النار بشكل دائم، والوصول إلى تسوية سياسية مستدامة، وأن تستند تلك التسوية على الاتفاقات السابقة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة"، داعية ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران لإبداء مرونة في المفاوضات بشأن الطرق المغلقة حول تعز وفتح الطرق الرئيسة فورا، مجددة دعمها التام لجهود الأممالمتحدة لتأمين توسيع وتمديد فترة الهدنة التي ستنتهي يوم 2 أغسطس المقبل. وأعربت المجموعة الخماسية في بيانها،عن القلق بشأن الأثر الإنساني الشديد لاستمرار إغلاق الطرق حول تعز، ودعت الحوثيين إلى إبداء مرونة في المفاوضات، وفتح الطرق الرئيسة فورا. وشددت على أهمية تحسين حرية حركة المدنيين في أنحاء اليمن، والتواصل البنّاء مع الأممالمتحدة للوصول إلى حل مستدام لمشكلة فتح الطرق. وجددت "تأكيد الدعم لمبعوث الأممالمتحدة الخاص وتأييد مقاربته متعددة المسارات وما أتاحه ذلك من تقدم في مناقشة المسائل الاقتصادية والعسكرية، بما في ذلك تأسيس لجنة التنسيق العسكري، وغرفة التنسيق المشترك على المستوى العملياتي، وبدء الحوار بشأن الرواتب". كما جددت المجموعة "تأكيد التزامها القوي بوحدة وسيادة واستقلال اليمن وسلامة أراضيه". مرحبة "باستمرار صمود الهدنة والحاجة إلى الاستمرار في هذا التقدم والبناء عليه، الأمر الذي يتطلب تقديم تنازلات من جميع الأطراف". كما رحبت اللجنة باستمرار الحكومة اليمنية في تطبيق تدابير بناء الثقة المتفق عليها، بما فيها تيسير دخول الوقود عبر ميناء الحديدة، واستئناف رحلات جوية تجارية معينة من وإلى مطار صنعاء. مشددة على أهمية استمرار القيادة والوحدة من مجلس القيادة الرئاسي باعتبارها خطوة مهمة تجاه الوصول إلى تسوية سياسية بقيادة ومبادرة اليمنيين تحت رعاية الأممالمتحدة". على صعيد متصل قالت وكالة رويترز، أمس الاثنين، إن الأممالمتحدة تمارس ضغوطاً للاتفاق على تمديد الهدنة السارية في اليمن، لستة أشهر إضافية، حتى بداية شهر فبراير المقبل، والتي ستكون الأطول في الصراع المستمر منذ سبع سنوات مع تزايد الضغوط الدولية على الجانبين لإنهاء الحرب. ولفتت الوكالة إلى أن جهود السلام اكتسبت دفعة بعد زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن السعودية في مطلع الأسبوع، حيث أعلن عن اتفاق مع القيادة السعودية من أجل "تعميق وتمديد" وقف إطلاق النار الذي ينتهي في الثاني من أغسطس المقبل. وسيسافر المبعوث الأممي هانس جروندبرج في الأيام المقبلة إلى سلطنة عُمان، ومن المتوقع أن يلتقي بقيادات حوثية، كما سيجري زيارة إلى مدينة عدن للقاء رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني. وقالت إسميني بالا، المتحدثة باسم مكتب جروندبرج، إن مبعوث الأممالمتحدة يناقش مع الأطراف اليمنية تجديد الهدنة الحالية، بما في ذلك إمكانية تمديدها لفترة أطول. إلى ذلك دعا الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف اليمنية إلى القبول بتمديد آخر للهدنة لستة أشهر بعد 2 أغسطس، مشيراً إلى هذا ما يرغب به اليمنيون ويستحقونه بعد المعاناة الطويلة من النزاع. وأعرب الاتحاد الأوروبي في بيان للمتحدث الرسمي باسم الاتحاد عن أسفه الكبير إزاء الرفض الحوثي للمقترح الأممي الذي طرحه المبعوث هانس جروندبرج لإعادة فتح الطرق، خاصة حول مدينة تعز جنوب غربي اليمن. وحث الاتحاد الأوروبي الحوثيين على القبول بمقترح المبعوث الخاص للأمم المتحدة بشأن فتح طرقات تعز، مؤكداً أن إعادة فتح الطرقات تمثل عنصرا إنسانيا جوهريا للهدنة إلى جانب شحنات الوقود عبر ميناء الحديدة والرحلات التجارية من وإلى صنعاء. وفي الاتجاه المعاكس للمساعي اليمنية والدولية الرامية لوقف الحرب وتمديد الهدنة السارية، أعلنت ميليشيات الحوثي الإرهابية رفضها تمديد الهدنة، واستهجنت الحديث عن الجهود الدولية والأممية في هذا السياق. وقال مجلس الانقلاب الذي يرأسه مهدي المشاط، في بيان له الأحد: إن الهدنة السارية كانت "تجربة صادمة ومخيبّة للآمال ولا يمكن تكرارها في المستقبل" رغم الالتزام الكامل من جانب الحكومة اليمنية الشرعية بكافة بنود الهدنة. وقال ناشطون يمنيون إن الحوثيين يشكلون ميليشيات وظيفتها الحرب والعنف وذات طبيعة مناقضة للسلام، وبالتالي تشكل لها الهدنة ووقف الحرب صدمة، إذ إنها لا تتنفس إلا من خلال العنف والحرب. كما أن الميليشيا تهرب من مواجهة استحقاقات الهدنة تجاه السكان في المناطق الواقعة تحت احتلالها، حيث اعترف مسؤول حوثي كبير، وهو وزير الكهرباء في حكومة الانقلاب، أحمد علي، قبل أسابيع، أن الهدنة أحرجت السلطة الانقلابية في صنعاء، وأفقدتهم المبررات التي كانت ترفعها في وجه المواطنين اليمنيين، وأبرزها يافطة الانشغال ب"مواجهة الشرعية والتحالف" و"إغلاق ميناء الحديدة" وكانت تتخذ منها ذريعة لقمع المطالبين بالخدمات والحقوق والرواتب.