ما من مجتمع إلا له ذوق عام يتمثل في مجموعة سلوكيات تعبر عن قيم المجتمع ومبادئه وهويته. وهذه السلوكيات مدارها الجمال والفن الرفيع، ولذا انتشار الذوق العام بين أفراد المجتمع مطلب ضروري لسبب أن المجتمع الرفيع يعبر عنه ذوقه الرفيع في الملبس والمأكل والسلوك وجودة الحياة. إن لكل مجتمع خصوصية في كل شيء وبأبسط الأمثلة فإن لكل مجتمع أنواعاً من الأطعمة يستلذها نتيجة لذوقه العام ومن أجل هذا كان طهي كل مجتمع يخالف طهي المجتمع الآخر ففي المجتمع السعودي والخليجي بوصف عام -الكبسة- هي الوجبة المفضلة لديهم وإن اختلفوا في طريقة إعدادها فقد لا يستسيغ المواطن العربي هذه الوجبة التي أصبحت رمزية تراثية للمجتمع الخليجي عموماً والسعودي خصوصاً. ومثل الأطعمة كذلك أنواع الملابس وألوانها وما يستجمل منها وما يستهجن كلها خاضعة للذوق العام في المجتمع ولكل مجتمع في هذه الشؤون ذوق يميزه عن غيره ويضعه في درجة خاصة من سلم الرقي الحضاري. إن للذوق العام سطوة وسلطان ليس له شبيه أو مثيل فهو من القيود الاجتماعية والضوابط التي لا يستطيع المرء أن يتخطاها إلى ذوقه الخاص خصوصاً في اللباس وطريقة المأكل أو السلوك في الأماكن العامة. إذا رأيت المجتمع لا يعتز بمأكله ولا ملبسه ولا عاداته وتقاليده ولا يخفق لها قلبه ولا يتغزل في محاسنها فاعلم أن سبب ذلك ضعف الذوق العام كما إذا رأيت المجتمع لا يقدس النظافة ولا يشمئز من الفوضى وسوء التنظيم فعلل ذلك بضعف الذوق العام وبناءً على ذلك فالذوق العام ليس قيداً على الحريات بل هو قلم ترسم به هوية المجتمع. عبدالله قاسم العنزي