نحن معشر العرب بعامة، والخليجيين بخاصة، نتسم بعادات غير صحيحة على الإطلاق فيما يتعلق بطعامنا وشرابنا، وتوابع ذلك، فأنواع الأطعمة لا تكاد تتغير أو تتنوع عند كثير منا، على الرغم من عدم احتواء هذه الأطعمة على العناصر الغذائية الضرورية لنمو الجسم عند الصغار، ولمقاومة الأمراض عند الكبار، بل ربما كان لهذه الأنواع من الأضرار ما يهدد الصحة العامة للشعب السعودي -كقطاع عريق من الشعب الخليجي- ومن ثم ينعكس ذلك كله على المجتمع، من ضعف بيئة الشباب، وتفشي بعض الأمراض نتيجة الإكثار من هذه الأطعمة، وتجاهل أنواع عديدة من المأكولات، ربما يراها بعض الجهلاء منا لا تليق إلا بالفقراء. كلنا يعرف ما للحوم من أضرار، وبخاصة لمن هم فوق الأربعين والخمسين، كما نعلم كذلك أثر النشويات –والأرز بخاصة– في الإصابة بمرض السكري، ومع هذا، تعد «الكبسة» بلحومها وشحومها وأرزها، هي الأكلة الشعبية للأغنياء والفقراء. وإذا أضفنا إلى هذا اعتمادنا –شبابا وشيبا– على السيارات في التحرك من مكان إلى آخر، مهما كانت المسافة بسيطة بينهما، وعدم ممارسة أي نوع من الرياضات البدنية، ولو حتى المشي بعض الوقت بشكل منتظم، أدركنا خطورة ما يهدد أفراد المجتمع، صغارا وشبابا، وبالتالي شيوخا. ونتائج تلك العادات التي أشرت إليها آنفا، تبدو واضحة جلية في أبنائنا وبناتنا، وفي شبابنا، وفي أنفسنا نحن، وقد وصلنا إلى مرحلة الكهولة (بالمناسبة، الكهولة لا تعني الشيخوخة، وإنما هي مرحلة الأربعينيات من العمر)، فأي مجهود بدني يرهق أطفالنا وشبابنا، أما نحن، فقطاع كبير منا ترهل جسده، وقطاع آخر أصبح أفراده من ذوي «الكروش» التي باتت شيئا غير حضاري على الإطلاق، وقطاع ثالث ضربت «البدانة» أوصاله فأصبح مربع الشكل، وطوله كعرضه. عموما، بشرى للبدناء من أمتي، فقد أكدت دراسة أجرتها جامعة «أوتريخت» في هولندا صحة دراسات سابقة أفادت بأن من يتناولون «الزبادي» ينعمون بنقص في وزن الجسم، مع تراجع معدلات الدهون، فضلا عن الخصر النحيل. أما هذه الدراسة فقد شملت بحثا، انتهت إلى أثر «الزبادي» الفعال في نقص الوزن من جانب، والتمتع بصحة جيدة من جانب آخر، إذ يحتوي «الزبادي» على الكالسيوم المسؤول عن التمثيل الغذائي للدهون، والعامل الرئيسي في تكوين العظام وسلامتها. أظن أن الأمر سهل، فما أرخص «الزبادي» وأوفره في بلادنا، وما من محل بقالة أو «سوبر ماركت» أو «مول كبير» إلا وبه ما لذ وطاب من أنواع الزبادي المختلفة، التي تناسب جميع الأذواق، وجميع الأعمار. وأظن –كذلك– أن «الزبادي» وحده لا يكفي لمعالجة البدانة عندنا، وإنما الأمر يستلزم منا تغيير كثير من عاداتنا في المأكل والمشرب، ومن ثم نحن بحاجة إلى حملات توعية إعلامية، ولفت أنظار أطفالنا في المدارس، إلى ضرورة الاهتمام بالجسد الإنساني الذي خلقه الله تعالى في أحسن تقويم، لكن عاداتنا وتقاليدنا وسلوكياتنا، نالت من هذا «التقويم» الحسن، وأخشى أن نكون قد استجبنا للشيطان اللعين، فغيرنا -بهذه العادات والسلوكيات- خلق الله، والعياذ بالله.