يسعى مؤتمر لوغانو الى رسم معالم إعادة بناء أوكرانيا مستقبلاً، في وقت تستمر فيه روسيا في شن حرب مدمرة في هذا البلد، منذ أكثر من أربعة أشهر. وقال الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي: "إن المهمة ضخمة جدا في الأراضي المحررة، وعلينا تحرير ألفي بلدة ومدينة في شرق أوكرانيا وجنوبها". وكان منظمو المؤتمر السويسريون يأملون بمجيء الرئيس شخصيا، إلا أنه سيكتفي كالعادة بمداخلة عبر الفيديو. وقد وصل رئيس الوزراء الأوكراني دينس شميغال، إلى لوغانو برفقة رئيس البرلمان رسلان ستيفانتشوك، في طائرة تابعة لسلاح الجو السويسري، وكان في استقبالهما الرئيس السويسري إينياسيو كاسيس. ويضم الوفد الأوكراني نحو مئة شخص، للقاء مسؤولين سياسيين ومؤسسات دولية وممثلين عن القطاع الخاص. وستحضر إلى لوغانو رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، ورئيس وزراء تشيكيا بيتر فيالا، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي لمدة ستة أشهر، فضلا عن نظيره البولندي ماتيوش مورافتسكي، الذي تستقبل بلاده العدد الأكبر من اللاجئين الأوكرانيين، لوضع معالم "خطة مارشال" لأوكرانيا كتلك التي وضعت لانتشال أوروبا الغربية من انقاض الحرب العالمية الثانية، من خلال برنامج اقتصادي أميركي. وكان المؤتمر مقررا قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، وكان سيناقش الإصلاحات في هذا البلد، ولا سيما مكافحة الفساد، لكن أعيد تركيزه على موضوع الاعمار. خريطة طريق اجتماع لوغانو، ليس مؤتمر مانحين، بل سيسعى إلى وضع المبادئ والأولويات لعملية إعادة البناء في أوكرانيا. وقد طرحت مسألة إعادة البناء، في غياب أفق نهاية للحرب، فيما التقديرات تراوح بين عشرات ومئات المليارات من الدولار. ورأى روبير مارديني، المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر: أن عملية إعادة البناء بحد ذاتها يجب أن تؤجل الى نهاية القتال، لكن من الضروري توفير حلول للمدنيين. وقدرت كلية الاقتصاد في "كييف "الاضرار حتى الآن بالأبنية والبنى التحتية بحوالى 104 مليارات دولار، بينما خسر الاقتصاد الأوكراني حوالى 600 مليار دولار وفق التقديرات. ورأى سيمون بيدو، السفير السويسري المكلف بتنظيم المؤتمر، أنه من المبكر محاولة تقدير كل الحاجات، مشددا على أن اجتماعات لوغانو ستوفر "بوصلة" للعمل المستقبلي. وأوضح: "أظن ان الجهد سيستمر لسنوات بل لعقود". ويتوقع ان يقترح بنك الاستثمار الأوروبي إنشاء صندوق جديد لأوكرانيا، قد تصل قيمته إلى مئة مليار يورو، وفق مصادر مطلعة على الخطة. وستدعم المملكة المتحدة أحد أكبر حلفاء أوكرانيا، إعادة بناء مدينة "كييف" بطلب من الرئيس زيلينسكي، على ما قالت وزارة الخارجية البريطانية. وتنوي لندن كذلك العمل مع كييف وحلفائها، لاستضافة مؤتمر يتمحور على انعاش أوكرانيا في 2023 وستقيم مكتبا في العاصمة البريطانية لمساعدة جهود الإعمار وتنسيقها. من جانبه، قال حاكم منطقة لوجانسك أمس الاثنين، إن روسيا ستحول تركيزها الأساسي في الحرب بأوكرانيا، إلى محاولة السيطرة على منطقة دونيتسك بالكامل، بعدما استولت على منطقة لوجانسك المجاورة. وقال الحاكم سيرهي جايداي، إنه يتوقع أن تتعرض مدينة سلوفيانسك وبلدة باخموت على وجه الخصوص للهجوم، مع محاولة روسيا السيطرة بالكامل على ما يعرف بمنطقة دونباس في شرق أوكرانيا. وتقول روسيا: إنها سيطرت بالكامل على منطقة لوجانسك عقب انسحاب القوات الأوكرانية من مدينة ليسيتشانسك، التي تعرضت للقصف. وقال جايداي: "من الناحية العسكرية، ترك المواقع أمر سيء، لكن لا يوجد شيء حاسم حتى الآن في خسارتنا ليسيتشانسك، نحن بحاجة للانتصار في الحرب عموماً وليس في ليسيتشانسك فقط... إنه أمر مؤلم للغاية، لكننا لم نخسر الحرب بعد ". وأضاف: "الانسحاب من ليسيتشانسك كان مركزيا ومخططا ومنظما، لأن القوات الأوكرانية كانت تواجه خطر السقوط تحت الحصار". وتابع: "لا يزال الهدف الأول للقوات الروسية هو منطقة دونيتسك". من جانبه قالت هيئة الاركان العامة الأوكرانية: إنه بعد استيلاء روسيا على مدينة ليسيتشانسك بشرق البلاد، بدأت قواتها تحويل اهتمامها إلى مدينة سلوفيانسك. وأضافت في تحديثها اليومي: "يحاول الروس السيطرة على قرى بوهوروديشن ودولينا، ومازانيفكا في اتجاه سلوفيانسك." وتقع القرى الثلاث على بعد أقل من 20 كيلومترا إلى شمال وشمال شرق سلوفيانسك، وعلى الجانب الجنوبي من نهر سيفيرسكي دونتس. وفي السياق ذاته، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس الاثنين، قواته بمواصلة هجومها في شرق أوكرانيا، بعد السيطرة على كل منطقة لوغانسك. وقال بوتين خلال لقاء مع وزير دفاعه سيرغي شويغو بثه التلفزيون: "إن القوات الروسية يجب أن تنفذ مهمتها وفقا للخطط التي تمت الموافقة عليها." وأضاف: "آمل أن تجري الأمور في قطاعاتها مثلما جرت في لوغانسك." وأدلى بوتين، بهذه التصريحات غداة إعلان انسحاب القوات الأوكرانية من مدينة ليسيتشانسك الإستراتيجية، ما مكن القوات الروسية من السيطرة على كامل منطقة لوغانسك، التي تشكل مع دونيتسك المجاورة حوض دونباس، الذي تعتزم موسكو السيطرة عليه بالكامل في شرق أوكرانيا. كما ذكر بوتين، أن اثنين من جنرالاته هما ألكسندر لابين، وأسد الله أباتشيف سيمنحان لقب "بطل روسيا" لدورهما في المعارك في أوكرانيا، بدون أن يورد المزيد من التفاصيل. وكانت روسيا التي تلزم السرية الكاملة حول هذا النوع من المعلومات، كشفت مؤخرا اسمي جنرالين هما سيرغي سوروفيكين، وألكسندر لابين على أنهما يقودان الهجوم على ليسيتشانسك. وقال بوتين: "إن الجنرالين رفعا مباشرة إليه تقريرا هاماً حول مجرى تنفيذ مهامهما، واقتراحاتهما للمرحلة المقبلة من العمليات الهجومية".