«طرد مشبوه» يثير الفزع في أحد أكبر مطارات بريطانيا    شقيقة صالح كامل.. زوجة الوزير يماني في ذمة الله    هل يعاقب الكونغرس الأمريكي «الجنائية الدولية»؟    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    «الزكاة والضريبة والجمارك» تُحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة كبتاجون في منفذ الحديثة    باص الحرفي يحط في جازان ويشعل ليالي الشتاء    الرعاية الصحية السعودية.. بُعد إنساني يتخطى الحدود    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    الكشافة تعقد دراسة لمساعدي مفوضي تنمية المراحل    الذهب يتجه نحو أفضل أسبوع في عام مع تصاعد الصراع الروسي الأوكراني    خطيب المسجد الحرام: ما نجده في وسائل التواصل الاجتماعي مِمَّا يُفسد العلاقات ويقطع حِبَال الوُدِّ    المنتخب السعودي من دون لاعبو الهلال في بطولة الكونكاكاف    الملافظ سعد والسعادة كرم    استنهاض العزم والايجابية    المصارعة والسياسة: من الحلبة إلى المنابر    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    لبنان يغرق في «الحفرة».. والدمار بمليارات الدولارات    حلف الأطلسي: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا    «السقوط المفاجئ»    حقن التنحيف ضارة أم نافعة.. الجواب لدى الأطباء؟    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    ترمب يستعيد المفهوم الدبلوماسي القديم «السلام من خلال القوة»    إطلالة على الزمن القديم    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    فعل لا رد فعل    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    ترمب المنتصر الكبير    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    ندوة "حماية حقوق الطفل" تحت رعاية أمير الجوف    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    استضافة 25 معتمراً ماليزياً في المدينة.. وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة    «المسيار» والوجبات السريعة    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صحة ضيوف الرحمن في أيدٍ أمينة
نشر في الرياض يوم 03 - 07 - 2022

تحتضن بلاد الحرمين الشريفين موسم الحج بكل شعائره وتفاصيله، فأخذت على عاتقها التوعية الصحية ورفع مستوى الوعي الصحي لمؤدي مناسك الحج، واستلهمت دوراً مهماً وكبيراً في الحفاظ على صحتهم وسلامتهم فترة تواجدهم بالديار المقدسة وتأديتهم للمناسك بطمأنينة، لذا سخرت المملكة جميعها قدراتها لنجاح الحج في كل عام، فوزارة الصحة ومن خلال اللجنة التنسيقية لأعمال بعثة الحج الطبية أولت التوعية الصحية اهتماماً بالغاً وعميقاً، وبذلت جهوداً كبيرة في هذا المجال.
الرعاية الصحية هي جزء أساسي لا يتجزأ من تقدم أي أمة، والاهتمام الذي تشهده المملكة كل عام له طرقه المختلفة ودقة تفاصيله المشرفة، وهو ليس بمستغرب هذا الاهتمام الحافل بإنجازات عديدة تبدأ من تجهيز الكوادر الطبية بكل احتياجاتها بدقة بدءاً من سيارات الإسعاف الحديثة وصولاً إلى غرف العمليات كاملة التجهيزات.
وزارة الصحة أحد قطاعات الدولة التي تتشرف بخدمة ضيوف الرحمن وتوفر لهم الرعاية منذ لحظة وصولهم للمملكة وحتى مغادرتهم عائدين إلى أوطانهم، حيث يتم تجهيز الممارسين في الصحة بمختلف تخصصاتهم وفئاتهم لخدمت حجاج بيت الله، كما تهيئ العديد من المرافق الصحية في مكة المكرمة والمدينة المنورة إضافة إلى مختلف المراكز الصحية والسيارات المجهزة لخدمة ضيوف بيت الله والأجهزة بالتقنيات الحديثة، والتي يتم من خلالها تقديم خدمات صحية متقدمة وبرامج نوعية متخصصة كالقسطرة القلبية، وعمليات مختلفة مجهزة كالقلب المفتوح، ومناظير الجهاز الهضمي، والغسيل الكلوي، وغيرها التي تدل على الاهتمام المتواصل بأدق التفاصيل.
كما يتم إعطاء الحجيج جل الاهتمام من خلال برامج وقائية وتوعوية نوعية، حيث أصدرت الاشتراطات الصحية، وقامت بتشغيل مراكز المراقبة الصحية في منافذ الدخول، وبرامج الترصد الوبائي، إضافة إلى برامج من التوعية الصحية، والذي يستخدم استراتيجيات متعددة للوصول لفئات الحجاج، وبعدة لغات.
ذلك الاهتمام الذي يعيشه الفرد منا اليوم هو امتداد لأعمال الملك المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيب الله ثراه وأسكنه فسيح جناته- إلى صدور مرسوم ملكي في عام 1343 هجري والذي تضمن ضرورة إنشاء مديرية الصحة العامة على أن يكون مقرها الرئيسي في مكة المكرمة، مع الحرص على أن يكون لها فروع متنوعة في شتى المناطق، وبعد فترة زمنية وجيزة تم إنشاء مديرية الصحة العامة والإسعاف بغرض الاهتمام بكافة الشؤون المتعلقة بالصحة والبيئة بشكل عام، ولم يقتصر الأمر على هذا فقط، بل إنه امتد ليشمل إنشاء عدد كبير من المراكز الصحية والمستشفيات المتعددة في جميع أنحاء المملكة، وهذا التطور غير مسبوق في مجال الصحة تم عام 1926م، ولم يقف التطور في الجانب الصحي بل امتد إلى افتتاح أول مدرسة سعودية خاصة بالتمريض، وتلاها افتتاح مدرسة أخرى خاصة بالصحة والحالات الطارئة والحرجة.
وللرعاية الصحية في المملكة أهمية كبرى فهي أحد أهم الأنظمة الوطنية التي تهدف إلى تقديم خدمات الرعاية الصحية المتنوعة والمضمونة لكافة المواطنين والمقيمين، والجدير بالقول إن دور المملكة في الحج أصبح بارزاً بسبب قوة التخطيط الملحقة بالاستيعاب الكبير في شتى المجالات.
أمن وسلامة الحجاج في المشاعر المقدسة وأداء مناسك الحج بطمأنينة وسلام، هي أهم الأهداف، وذلك لأنه يعد أكبر التجمعات الدينية الحاشدة في العالم، وثمار شهور مسبقة من الاستعدادات من قِبل وزارة الصحة السعودية ووزارة الحج لاختتام موسم الحج لكل عام بسلام.
ودعمت وزارة الصحة أجهزتها دعماً تقنياً لتحسين قدرات الاستعداد والتأهب والاستجابة على كافة المستويات بهدف توقي أية تهديدات صحية يحتمل وقوعها خلال موسم الحج واكتشافها مبكراً، ووضعت خطة شاملة ومتكاملة لضمان سلامة الحجاج الزائرين وأيضاً المواطنين السعوديين والمقيمين في المملكة.
وقد ركزت تلك الخطة، تماشياً مع اللوائح الصحية الدولية على إجراءات الحد من المخاطر من أجل التصدي لأي أعراض محتملة للأمراض المعدية مثل كورونا، أو الإنفلونزا، أو الحمى الشوكية أو غيرها من الأمراض المعدية.
ودرَّبت فرق الخدمات الصحية على تشخيص المشكلات الصحية المتعلقة بمختلف المشكلات والتعامل معها وتم التوسع في نطاق تشغيل شبكة الترصد الصحي الإلكترونية لتشمل كافة المستشفيات وأغلب مرافق الرعاية الصحية الأولية.
"المشكلات الصحية"
هنالك الكثير من الحالات التي تصاب بأمراض عدة نتيجة التجمع الكبير كمثل الإنهاك الحراري، ويحدث نتيجة نقص الماء والملح في الجسم أو نقص أحدهما حيث إن نتيجة للإجهاد الشديد الذي يبذل خلال الحج، ويصاحبه عادة إحساس بالإرهاق والعطش وغثيان وارتفاع في درجة الحرارة، وتشنج في عضلات البطن والرجل، وعلاجه يكون بإعطاء محلول ملحي على فترات، ونقل المصاب إلى مكان مظلل، وتبريد جسمه برشه بالماء.
الحروق الجلدية الشمسية وهي تحدث نتيجة تعرض الجلد لأشعة الشمس المباشرة ولفترة طويلة، فتبدأ بالاحمرار، يتلوها ظهور فقاقيع مائية يصاحبها ألم شديد، وعلاجها يتم بنقل المصاب إلى مكان مظلل، مع استخدام الكمادات الباردة، ووضع مرهم للحروق.
المملكة تقدم خدمات صحية نوعية التي تتراوح ما بين توفير عدد هائل وكبير من المستشفيات والمراكز الصحية الموزعة في جميع أنحاء المملكة بلا استثناء، والكوادر الصحية المجهزة، وذلك في نطاق توفير الكثير من العيادات الخاصة والمستوصفات والمختبرات الطبية ومراكز العلاج الطبيعي والصيدليات وغيرها في موسم الحج.
ويصاب كثير من الحجاج بأزمات صحية كأمراض القلب والضغط والإجهاد، وأمراض أخرى تستدعي تدخلاً جراحياً، ما يتطلب الاستعدادات الدائمة في الحج لمواجهة أي طارئ.
البروتوكولات الوقائية وضعت لجميع العاملين في المستشفيات والمراكز الصحية، وكذلك لحجاج بيت الله الحرام داخل مقرات العمل، وكذلك في إسكان الحجاج والعاملين.
وبيّن وجود جهات رقابية لمتابعة تطبيق الاشتراطات الصحية للمشاركين في الحج، بالإضافة إلى وجود فريق متخصص من مكافحة العدوى داخل المستشفيات لتطبيق جميع البروتوكولات الصحية.
دائماً ما يكون عدد الفرق الطبية في ازدياد متواصل حيث يبلغ 32 فرقة طبية فأكثر، منها 10 فرق بمستشفيات العاصمة المقدسة، و22 فرقة بالمشاعر المقدسة، كما تشارك في أعمال حج هذا العام 36 فأكثر من سيارة إسعاف.
وكما أن حالة الاشتباه بفيروس كورونا، وظهور الأعراض على الحاج، سيتم عزله سريعاً في أماكن مخصصة داخل المستشفى، كما سيتم إجراء الفحوصات المخبرية داخل المشاعر المقدسة والتأكد من حالة الحاج.
لطالما سعت السلطات السعودية لتكرار نجاح الحج في كل عام رغم الأوبئة والأمراض وتميزت بتنظيم كبير والتزام تام بالتدابير الوقائية.
وفَعَلْت وزارة الصحة خلال موسم حج هذا العام العديد من التقنيات الطبية الحديثة في مستشفيات المشاعر المقدسة لتسهيل الخدمة العلاجية المقدمة لحجاج بيت الله الحرام، وسيتم تفعيل وحدة الطب الاتصالي في مستشفيات لاستخدامها في الحالات التي لا يتوفر بها طبيب في المكان بحيث تتيح هذه التقنية متابعة حالة المريض عن بُعد وبما يُسهل تقديم الخدمة للمريض في أسرع وقت.
والتطورات العديدة من خلال برامج الأرشفة الإلكترونية لصور الأشعة وتبادلها فيما بين أقسام الأشعة في مستشفيات المشاعر المقدسة والمستشفى الافتراضي بوزارة الصحة، بهدف تقديم الخدمات التشخيصية الدقيقة عبر العديد من الأخصائيين لكتابة تقارير الأشعة، وتقديم الدعم لأطباء الأشعة الموجودين في مستشفيات المشاعر المقدسة.
كما يهدف نظام الخدمات المدار في المختبرات بمستشفيات المشاعر إلى تنظيم وإدارة الوثائق بشكل إلكتروني، وتحويل بياناتها وفهرستها في أنظمة حاسوبية مخصصة، ليسهل البحث عنها واسترجاعها بيسر وسهولة.
وتكثفت هيئة الهلال الأحمر استعداداتها بكامل طاقتها التشغيلية لاستقبال الحجاج في مشعري عرفات ومزدلفة من خلال تجهيز مراكز إسعافية مدعومة بالعديد من الكوادر الطبية العاملة في جميع التخصصات الإسعافية، وذلك لتقديم أرقى الخدمات خلال موسم الحج.
ويدعم الفرق الإسعافية في مشعري عرفات ومزدلفة أسطول من سيارات الإسعاف المتطورة والتي تضم أكثر من 40 سيارة فأكثر مزودة بأحدث الأدوات والأجهزة والتقنيات الطبية، ضمن خطة الاستعداد المكثفة لاستقبال حجاج بيت الله الحرام.
"إعداد وتأهب"
جندت المملكة طاقاتها وكوادرها وإمكاناتها لتوفير سبل الراحة والسلامة وتحقيق الأمن والأمان لحجاج بيت الله الحرام وقاصديه من الزوار والمعتمرين منذ النداء الذي وجه به المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - رحمه الله - إلى جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها لتحقيق الأمن والسلامة للحجاج، تحرص المملكة على توفير القوى العاملة في الحج وبالذات الخبيرة بأعمال الحج وتدريبها تدريباً جيداً للتعامل مع كافة الحالات المرضية.
حيث تم إعداد مراكز متقدمة للحجاج كمركز التأهيل الطبي، ومركز طب الفم والأسنان ومركز السموم والكيمياء الشرعية، ومركز علاج أمراض السكر، ومركز أمراض الكلى، ويلاحظ انخفاض عدد حالات ضربات الشمس بسبب التوسع في الخدمات التشخيصية والعلاجية ورفع كفاءة التوعية الصحية.
شرفت المملكة بخدمة مهبط الوحي، وقبلة المسلمين التي يتوجهون إليها، ومتطلع أفئدتهم ومقصدهم لأداء مناسك الحج، فقد جعل الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - رحمه الله - جُل عنايته، وفائق اهتمامه، وكبير جهده، ومعظم وقته في خدمة الحرمين الشريفين من توسعة وتهيئة لكل ما هو ممكن في جميع المجالات من أجل أن يستطيع قاصدو البيتين الشريفين من تأدية مناسكهم وشعائرهم وعباداتهم بيسر وسهولة واطمئنان وأمن وأمان، واستمرت هذه الجهود المباركة، والنظرة الخاصة والمتابعة الدقيقة الصادقة من قبل أبنائه البررة، وإدارة سدة البلاد، ولهذا قدّموا هذا العمل على كل شأن، وجندوا أنفسهم، وبذلوا الغالي والنفيس في سبيل تحقيق هذا الهدف السامي، وتعبيرًا عن هذا النهج ليجعلوا خدمة الحرمين الشريفين لقبًا يتشرفون به، وشعارًا تصدقه أعمالهم وجهودهم التي تقدم لكل قاصد لهذه البقاع المقدسة.
واتخذت المملكة منذ تأسيسها في وضع الأنظمة والتعليمات وإنشاء المصالح الحكومية التي تختص بمسؤوليات الحج والحجاج، ومبادئ إسلامية شاملة، وتوحدت البلاد تحت اسم المملكة العربية السعودية، فبدأ الملك عبدالعزيز - رحمه الله -، في تنفيذ برامجه الإصلاحية، وأولى كل الاهتمام والعناية بخدمة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، وما يوفر الطمأنينة والراحة لحجاج بيت الله الحرام وزوار المسجد النبوي الشريف،، ونصت التعليمات الأساسية عام 1345ه على تشكيل إدارة تعنى بشؤون الحج.
واليوم تعدّ برامج (رؤية المملكة 2030) التي أقرها مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - استكمالاً لجهود المملكة في خدمة ضيوف الرحمن، وهي تضم عدة أقسام ومحاور مهمة، من أبرزها (الخطة التنموية المقررة لخدمة ضيوف الرحمن)، وفي إطار ذلك ضمت هذه الرؤية الطموحة أحد الأهداف الرئيسة التي ستعمل عليها المملكة خلال ال 15 عاماً القادمة بمشيئة الله التي نصت تحت بند أهدافنا بحلول 1452ه (2030) على: (أن نُسخّر طاقاتنا وإمكاناتنا لخدمة ضيوف الرّحمن)، وحشد كل الطاقات وتوفير جميع الإمكانات لمواجهة حركة الحج المتعاظمة من مختلف مناطق العالم الإسلامي، والجاليات والأقليات الإسلامية في دول العالم، وتمكينهم من تأدية فريضة الحج بكل يسر وسهولة، حيث أنجزت حكومة المملكة لذلك أكبر توسعة للحرمين الشريفين في التاريخ الإسلامي، فيما جاء تطوير المشاعر المقدسة خطوة مهمة لاستيعاب هذه الأعداد المتزايدة سنوياً من المسلمين.
وضمن خطة لاستيعاب نحو (30) مليون حاج ومعتمر في السنوات القادمة بإذن الله، مع تقديم إستراتيجية متكاملة لتطوير منظومة (الحج والعمرة والزيارة)، وإتاحة الفرصة لعدد أكبر من المسلمين لتأدية مناسك الحج والعمرة.
"تاريخ من الحفاوة"
هذه الدولة المباركة خدمت ضيوف الرحمن بكل ما تقدمه بنفسٍ راضية، وخدمة الإسلام والمسلمين فوق كل أرض وتحت كل سماء، ولذلك فهي مستمرة في بذل كل ما يستطاع من أجل تسهيل وتيسير أمور الحج.
مما يجعل الأعمال التي تقدمها المملكة كل عام في الحج تعكس افتخار واعتزاز المسلمين حول العالم، حيث النجاح الهائل والذي كلف الكثير والكثير من الوقت والجهد في سبيل خدمة ضيوف الرحمن، وما جهزت به من تجهيزات متطورة ومتقدمة تجعل الحجاج أكثر طمأنينة وارتياحًا، حيث إن كثيرًا من الناس لم يعلموا عنه حتى أصبح واقعًا حيًّا يستفاد منه، ولا تزال الدولة وفقها الله مستمرة في التطوير والتحديث، واستثمار كل الوسائل والأساليب الممكنة لضمان سلامة الحجاج وراحتهم.
"جهود متواصلة.. وعناية طبية فورية "
تتواصل جهود وزارة الصحة للحفاظ على صحة وسلامة حجاج بيت الله الحرام هذا العام، حيث تنفذ العديد من الإجراءات الاحترازية التي تكفل - بإذن الله - الخروج بموسم حج صحي وآمن، خاصة في ظل الأوضاع الصحية العالمية إثر جائحة (كورونا) التي تتطلب إقامة الشعيرة وسط ظروف تحقق متطلبات التباعد الاجتماعي.
وفي هذا السياق تحرص وزارة الصحة على تطبيق أعلى معايير السلامة الصحية والتدابير الوقائية العالمية؛ لضمان سلامة الحجاج حتى عودتهم إلى مقر إقامتهم سالمين آمنين - بإذن الله - ودعت (الصحة) جميع الحجاج للالتزام بالإجراءات الوقائية كافة.
ولتوفير الرعاية الطبية لضيوف الرحمن، شملت تجهيز 3 مستشفيات في المشاعر المقدسة (شرق عرفات، جبل الرحمة، منى الوادي)، وعدد 6 مراكز صحية (مركزان في عرفات، ومركز في طريق المشاة في عرفة، و3 مراكز في مواقع سكن الحجاج بمنى).
كما ستقدم الخدمات العلاجية للحجاج طالبي الخدمات الصحية، ويشارك عدد من الكوادر الطبية والفنية في تقديم الخدمات الصحية للحجاج، بالإضافة إلى ذلك، كثفت (الصحة) استعداداتها للتعامل مع حالات الإجهاد الحراري، وبقية الأمراض المتعلقة بالحرارة المتوقع حدوثها هذا العام؛ نظرًا لتزامن موسم الحج مع ارتفاع درجات الحرارة؛ حيث تم توفير عدد من مراوح الرذاذ بالماء، التي أثبتت فعاليتها في خفض درجة الحرارة، والتقليل من حالات الإجهاد الحراري، وضربات الشمس.
وصفت المملكة العربية السعودية بأنها الدولة الأكثر أماناً بشكل عام وتحديدًا خلال أزمة كورونا لأنها تعاملت مع جائحة كورونا كوفيد 19 بشكل احترافي وفق البروتوكول المتبع في إدارة الأزمات وهي كعادتها تخوض الاختبار الحقيقي الصعب بمهارة وتنجح فيها بجدارة واستحقاق عالمي أشادت به منظمة الصحة العالمية وأصبحت مثالاً يحتذى به في التعامل مع الأزمات الطارئة والذي جعلها تخوض منعطف استقبال الحجيج لأداء الركن الخامس وفق إجراءات غير مسبوقة وبنتائج مذهلة جعلت منه الحج الاستثنائي لعامين متتالين وذلك رغم صعوبة الظروف الصحية المحيطة بالعالم إلا أنه كان الحج الذي تغلب فيه على فيروس كوفيد 19.
وكان حج العامين الماضيين اختباراً حقيقياً ومهماً للمملكة لناحية اتخاذ القرار والترتيبات والاستعدادات في وقت كانت جائحة كورونا في ذروة شراستها. وكانت التساؤلات تتكاثر مع اقتراب موعد الحج، منها ما هو نزيه ومنطلق من حسن النوايا الطيبة ومنها ما هو غير ذلك في بعض المنصات ووسائل الإعلام المعروفة بمواقفها وتوجهاتها السلبية تجاه المملكة، لكن المملكة رغم كل التحديات الكبيرة لم تسمح بتعطيل الحج مهما كانت قسوة الظرف، ونجحت في ترتيب حج آمن وميسر وفق شروط محددة مدروسة بدقة، حفاظاً على الصحة والسلامة، وأشاد العالم بتلك التجربة.
وخلال العام الثاني من الجائحة كانت التساؤلات مطروحة أيضاً لأن الجائحة ما زالت حاضرة رغم إنتاج اللقاحات وتراكم الخبرة في التعامل معها، لكن جاءت القرارات لتوضح الترتيبات المتخذة بخصوص الحج بعد الأخذ في الاعتبار كل المعطيات والظروف الراهنة، وما يمكن أن تسمح به دون إتاحة ثغرات يتسرب منها الضرر، وقد رحبت الدول الإسلامية بما قررته المملكة، وتفهمت مبرراتها، وقدرت حرصها على سلامة الجميع.
نعي جيداً أن جميع الدول لها تجاربها مع جائحة كورونا، لكن المملكة لها تجربتها الخاصة كونها المسؤولة عن إدارة موسم الحج والعمرة، وهي مسؤولية حساسة لا يعرف ضخامتها إلا من يشاركون فيها، فكيف عندما تكون في ظروف كهذه. وكما أشاد العالم بالتجربة السعودية لمواجهة كورونا في كل الجوانب، فإنها بفضل الله وتوفيقه وحرص الدولة وتسخيرها لكل إمكاناتها قادرة على العناية بحجاج بيت الله الحرام في كل الأوقات والظروف.
في السنة الأولى لجائحة كورونا نظمت المملكة أصغر حج من حيث عدد المشاركين في التاريخ الحديث، وشهد مشاركة ما يصل إلى 10 آلاف شخص، بحسب الإعلام المحلي؛ كما علّقت أداء العمرة لأكثر من 6 أشهر، قبل أن تسمح باستئنافها وفق شروط محددة ولسكان المملكة فقط، وبعد حجز مكان مسبق عبر تطبيق "اعتمرنا". وخلال السنة الثانية من الجائحة استعد نحو 60 ألف حاج لأداء مناسكهم في حج «استثنائي» بأعداد قليلة وتقنيات حديثة بسبب ظروف جائحة كورونا «كوفيد - 19» بعدما قررت السعودية تقليص أعداد الحجاج واقتصاره على حجاج الداخل فقط من المواطنين والمقيمين الذين يشكلون 150 جنسية مختلفة. ولكونه حجاً استثنائياً، فقد وفرت الجهات المعنية بالسعودية كافة سبل التقنية وإحلال الذكاء الصناعي لخدمة الحاج هذا العام عبر عدة تقنيات تساعد على تسهيل سير المناسك وتحافظ على صحة وسلامة الحجاج من العدوى أو أي مشكلات أخرى قد تواجههم.
حج إلكتروني
كانت البداية من مسار الحج الإلكتروني وهو عبارة عن أنظمة وبيانات في بوابة إلكترونية متطورة لعرض مختلف برامج الخدمة التي تعرضها شركات ومؤسسات حجاج الداخل، حيث تؤمن الوزارة للراغبين في الحج اختيار ما يناسبهم من برامج الحج وتتيح لهم التعاقد إلكترونياً مع الشركات والمؤسسات على الخدمات المختلفة. وشهدت البوابة تسجيل أكثر من 550 ألف شخص تمت الموافقة على 60 ألف منهم ليقوموا بدورهم بإكمال عملية التسجيل ودفع الرسوم عبر الإنترنت.
تم تسليم كل حاج بطاقة «شعائر الذكية» التي تعمل بتقنية اتصال المجال القريب (NFC) التي تسمح بقراءة البطاقة عن طريق أجهزة الخدمة الذاتية المتوفرة في المشاعر المقدسة، حيث تقدم العديد من الخصائص والميزات كالاحتفاظ بمعلومات الحجاج الشخصية، والسكنية، وإرشادهم لسكنهم في المشاعر والتحكم بالدخول إلى المرافق المختلفة والحد من الحج غير النظامي. وستحمل كل بطاقة ترميزاً لونياً واحداً من أربعة ألوان هي الأخضر، والأحمر، والأصفر، والأزرق يربطُ حامل البطاقة بالنطاقِ المكاني الذي يقيمُ فيه بالمشاعر المقدسة، ويُستفادُ منها في الدخولِ من خلال البوابات الذكية، لدى مداخِل المُخيّمات في المشاعرِ، كما يُمَكّنُه من تسجيل معلومات الحاج الصحية واستعراضِ جداول التفويج ومعرفة برنامج الحج الخاص به.
السوار الذكي
تم تسليم بعض الحجاج ساعة ذكية تقيس مؤشراتهم الحيوية وتبين الحالة الصحية (محصن، محصن جرعة أولى، محصن متعافٍ)، بالإضافة إلى كافة المعلومات الشخصية والمشكلات الصحية لتسهيل التعرف على احتياجات الحاج بشكل كامل.
ومن خلال السوار تقديم خدمات طلب المساعدة الأمنية أو الطبية الطارئة، مما يسهم في سرعة الوصول إلى موقعه ومساعدته، لمساعدتهم في سير التفويج بالشكل الصحيح، وسيتم كذلك إرسال رسائل توعوية للحجاج تصلهم عبر السوار، وغيرها من الخدمات لتقديم تجربة حج ميسرة للحجاج.
تم استخدام الروبوتات الذكية في موسم حج كورونا لتعقيم المسجد الحرام والمشاعر المقدسة بشكل دوري بالإضافة إلى توزيع مياه زمزم عبر روبوتات متحركة لتقديم المياه مبردة ومعقمة وفق الضوابط والإجراءات الاحترازية ومواكبة الطلب المتزايد على مياه زمزم خلال موسم الحج وتقديم الخدمات بصورة متكاملة. ووزعت الروبوت 30 عبوة في الجولة الواحدة ويستطيع العمل لمدة ثماني ساعات متواصلة دون تدخل بشري يعمل بالبطارية القابلة للشحن ويعمل على إيصال ماء زمزم بطريقة ذكية وصحية آمنة، ويحتوي على كاميرات علوية وكاميرات سفلية وحساسات ليزرية لعمل مسح شامل للمجال أمامه لتفادي جميع أنواع العوائق، وتفاديها حال وجودها.
ويحتوي طريق مشاة المشاعر الذي يربط عرفات بمشعر منى مروراً بمزدلفة على عدد من التقنيات الحديثة التي تساعد على تحسين جودة الطريق وتسهيل سلوكه للحاج وتقليل المشقة، حيث يحتوي على أكثر من 400 عمود إنارة عالية التقنية، إضافة إلى 810 فوانيس بتقنية إل أي دي، و250 برج إنارة بارتفاع 30 متراً، و100 فانوس بقوة 100 واط. بالإضافة إلى استخدام طلاء من نوع خاص يساهم في تقليل درجة حرارة الأرضية كما سيسهم مشروع الطلاء في تخفيض درجات الحرارة من 20 إلى 15 درجة مئوية، وسيتم تسجيل درجات الحرارة كل 10 ثوانٍ خلال موسم الحج من خلال الحساسات التي تم وضعها تحت الإسفلت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.