جوني ديب وآمبر هيرد، قضية صال الجمهور وجال بها واختلف التعاطي مع مد وجزر القضية بتحليلها ضمن سياق الإحسان والنكران، الأمر الذي نعيشه كل يوم في حياتنا اليومية، ولطالما تقلبت بنا الأحوال بين محسنٍ ومقدر وبين جاحدٍ وناكر، وتركَ كل منهما أثراً وانطباعاً. إن بيئة العمل مثال حي لممارسة الإنسان سلوكياته التي جُبل عليها وصارت جزءاً أصيلاً في طبائعه وردود فعله، إذ إننا نقابل في أعمالنا الموظف المثابر والمجِد والذي يتقن كل عمل يقوم به ولا يرضى بالحدود الدنيا بل يبدع في الإنجاز ويضيف على إنجازه بصمة خاصة به، وهنا لا بد من هذا الإتقان أن يقابل بالإحسان وإلا صار جحوداً وتثبيط عزيمة وكسر مجاديف، وحينها يتلاشى الإبداع ويصير فتوراً وتراخياً، الأمر الذي ينعكس سريعاً على الإنجاز والجودة ويسبب الترهل وضياع الحقوق. حين تقابل في عملك مسؤولاً محفزاً ولديه من الطاقة الإيجابية الكثير، مما يضفي على أجواء العمل روح المثابرة والتنافس المثمر ستنساق بشكل عفوي لإبراز مواهبك وإبداعاتك، مملوءً بالرضا وحب العمل وإتقانه وصولاً لمنتج جماعي رائع، الأمر الذي يساهم ببناء حضارة ومجتمع عصري مميز بين الأمم والشعوب، وكل ذلك يتطلب جهداً إضافياً في تعزيز القدرات وتنمية المواهب والتحفيز الدائم والثناء الموصول لكل مجتهد ومثابر ومتقن لعمله. وعلى نقيض ذلك، فإن سلوكيات الإحباط والتهميش، والتقليل من شأن المبدع وإنجازاته، أو عدم تفعيل مبدأ الثواب والعقاب وحصول العامل المثابر وزميله المتراخي على ذات الأجر وذات المزايا، سيشيع بلا شك جواً سلبياً وبيئة محبطة منفرّة وقاتلة للإتقان طاردة للإبداع، ذلك أن من غرائز الإنسان أنه يحب أن يرى أثر جهده وثمرة تعبه، وأن ينعكس على مستوى معيشته ومناحي حياته اليومية. قد حضّ الاسلام على مقابلة الإتقان بالإحسان وذمّ كثيراً الجحود والنكران، بل جعل الإحسان ركيزة أساسية من ركائز الرقابة الذاتية وهي رقابة الفرد على ذاته في كل شأن يقوم به أو تصرف يأتي به، وهي مرتبة سامية وهدف منشود نحو تحقيق مجتمعٍ فاعلٍ معطاء، كما يهذب أفكار الأفراد وسلوكياتهم ضمن إطارٍ من الألفة والمودة، ويؤسس أركاناً ثابتةً تقوم عليها حضارة إنسانية قوية ومنتجة.