الدبلوماسية هي التي تنقل الصورة للعالم الخارجي، وهي التي تعزز الاتصال والتفاعل مع الآخرين؛ لذا تعتبر الدبلوماسية إحدى أهم الأدوات للسياسة الخارجية التي تتعامل بها الدول في محيطها الخارجي. فمن الضروري جدًّا أن هذه الأداة يكون لها فاعلية قوية مرتبطة بأهداف واستراتيجيات واضحة المعالم، وأدوات معتمدة بالأساس على مخزون معرفي لما يجري من حولها في المجتمع الدولي؛ إذ إن هذا العالم سريع التغير، وأيضًا سريع التأثر بمجريات الأحداث المتقلبة، فالدبلوماسية بتعاملاتها المختلفة هي الأداة الأقوى والأنجع؛ لما تحمله من طابع ديناميكي، يتعامل مع المتغيرات بسرعة هائلة. السعودية باعتبارها من أهم الدول تأثيرًا بالمنطقة؛ ولما تملكه من أدوات دبلوماسية ذكية، وقوة ناعمة أو قوة صلبة، باتت من أكثر الدول تعاملاً من الناحية الدبلوماسية في محيطها الخارجي، وهذا بالطبع ترجمة واقعية لما أولته القيادة الكريمة من اهتمام كبير بالنشاط الدبلوماسي بالمنطقة كلها، سواء كان هذا النشاط سياسيًّا أو اقتصاديًّا أو حتى من الناحية الإنسانية؛ حيث تحقق الدبلوماسية السعودية نجاحات متتالية يشهد بها العالم في المحافل الدولية، وتمكنت من ترك بصمتها القوية إقليمياً ودولياً، في الوقت الذي تموج فيه منطقة الشرق الأوسط بالكثير من النزاعات الإقليمية، وتشابكت فيها الأطراف الداخلية والدولية، التي لعب حراك دبلوماسيتها دوراً محورياً في معالجة العديد من ملفات المنطقة الساخنة. عندما تتحرك الدبلوماسية السعودية فالهدف بكل تأكيد هو دعم الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة والعالم، والحراك السياسي والدبلوماسي الذي يقوده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، يعكس ملمحاً لنهج السياسة الخارجية في عهد الملك سلمان وترجمة فعلية لما تقوم به السعودية من أدوار وجهود ملموسة، وهذا التفاعل الدؤوب يكشف قدرة صانع القرار السياسي في قراءة المتغيرات الراهنة على الساحة الدولية، والذي يأتي في ظل ظروف غاية في الدقة، ومع تموضع جديد للسياسة الدولية، ولذا في خضمّ ما جرى ويجري فإن الدبلوماسية السعودية تؤمن بأهمية الحوار والتواصل والزيارات واللقاءات المباشرة، لأن ذلك يقود بالضرورة باتجاه انفراجات سياسية ونتائج إيجابية بلا أدنى شك، يمكن القول إن الحضور السعودي اللافت في الساحة إقليمياً ودولياً لم يأتِ من العدم بل من خلال تجربة تراكمية. لا تخرج سياسة المملكة عن مفاهيم التوازن والتنوع والتناغم حين الحديث عن علاقاتها مع الآخرين ومن خلال معيار يتمثل فيما يعود عليها بالمنفعة، ولذا لا يمكن الفصل ما بين النمو الاقتصادي والتنمية من جهة والملف السياسي والاستقرار من جهة أخرى كونهما متداخلين، والسعودية لا تعاني من حساسية من اتجاهات البوصلة شرقاً كانت أو غرباً، ما دامت هذه الوجهة تخدم مصالحها، كونها تؤمن بالانفتاح على الجميع، وهي بذلك ترتهن للواقعية السياسية وبعقلية مرنة، بمعنى أنْ لا تأتي علاقة جيدة مع دولة ما على حساب علاقتها مع دولة أخرى. الدبلوماسية السعودية؛ هي رسالة ذات مضمون أخلاقي في توقيت استثنائي تهدف إلى التأكيد على أنها أول من يدعم أي انفراجة تقود إلى السلام والنهوض بالمنطقة والتنافسية نحو المستقبل، لكن ذلك مرهون بأفعال واقعية لا شعارات وهمية.