كانت أمسية الفنان المغربي سعد لمجرد ضمن فعاليات موسم جدة، تعتبر من أروع حفلاته التي يقيمها ويتألق فيها في المملكة العربية السعودية، فقد تألق وغنى بكامل السلطنة والأناقة والحضور المسرحي الرائع، وإنّي هنا لست بصدد الحديث عن إمكاناته ولا شعبيته الجماهيرية فحسب، لأنها ببساطة تتحدث عنه نجوميته على الدوام، لكن اللافت المبهج بالنسبة لي أنه ورغم هالة النجومية التي تحيطه حيثما وُجد وفي غمرة انشغاله بلونه الشبابي الذي يتميز فيه، كان حريصاً على تقديم لمحة ثقافية من موروث بلاده الشعبي وهو يزج بإحدى الفرق لتشاركه نجاحه على خشبة مسرح "سوبر جدة دوم" ضمن الفعاليات الغنائية التي تشهدها موسم جدة، أولاً فاجأ جمهور الحفل بالذهاب إلى والدته التي وُجدت في الصفوف الأولى الخاصة بالجمهور، وقام بتقبيل يدها ثم تقبيل رأسها، لتبادله والدته بنفس المشاعر وتُقبل رأسه وسط تحية إعجاب جماهيرية، وكانت صورة رائعة للامتنان للذين ساندوه ودعموه ابتداء من والدته.. ثم زاد تألقاً عند تقديم أفراد الفرقة الشعبية المغربية لدى دخولهم وصعودهم المسرح قبل تقديم اللون الفني الشعبي في المغرب والمعروف ب"عيطة". وأمام هذه اللفتة، تبادر إلى الذهن سؤال عريض "لماذا لا يقدم فنانونا السعوديون مثل هذه المبادرات في حفلاتهم"؟! فالمملكة العربية السعودية -ولله الحمد- تزخر بالعديد من الفنون والفرق الشعبية، وإن إبرازها في حفلات النجوم سيحمل رسالة ثقافية مهمة وتعزيزها في لفت الجيل الجديد للفنون الشعبية السعودية وألوانها، وكذلك الرقصات التي تختلف من منطقة إلى أخرى، برأيي أن بضع دقائق ستحمل الكثير من الأهداف. كم هو جميل لو قدم فنانونا فرق الدانات والبحارة من المنطقة الشرقية، والعرضة النجدية والجنوبية والدحة الشمالية والمجرور الطائفي والمزمار والطرب الينبعاوي والزامل النجراني وغيرها الكثير، كم جميل أن نشاهد فرقنا الشعبية تبرز موروثنا على خشبات المسرح بكل متعة وتفاعل. لعلنا نرى في الأيام المقبلة من يبادر ويطرق هذا الباب بكل تألق وتميز وشجاعة، فالساحة تتطلب والمجال يتسع!