محمد علي قدس قاص وكاتب عريق، أصدر أولى مجموعاته القصصية القصيرة في السبعينات، مفكر وصاحب رؤية وفلسفة أدبية أكثر من كونه سارداً وقاصاً. قادته مواهبه المتعددة إلى مسارات عدة، بدأ كمستشار ثقافي وإعلامي للنادي الأدبي بجدة، ثم أمين سر للنادي على مدى ربع قرن من الزمن، وله تجربة واضحة في العمل الإعلامي من حيث إعداد وتقديم البرامج الإذاعية والتلفزيونية، كما قدم أعمالاً درامية تركت بصمتها في المجتمع؛ وللحديث عن الأدب والكتابة التقت زاد المعرفة الكاتب قدس وأجرت معه الحوار التالي: * كتابة السير الذاتية تتباين وتتعدد لدى الكتاب عدا السرديين الذين يعتمدون على كتابة تلك السير عبر حكايتهم أو قصتهم التي عاشوها على ماذا اعتمدت في كتابك في أروقة الثقافة؟ * في الفصل الأول من الكتاب فيما يتعلق بالنشأة والبيئة والمؤثرات اعتمدت على أسلوب السرد الحكائي والتصوير الفني وما رافق ذلك من مؤثرات كان لها أثرها في إثراء خيالي وقدراتي على النقل والتصوير لذلك يراني القارئ أني قد اعتمدت على مخزون الذكريات والشواهد والتجربة وما لدي من معلومات وتاريخ مرحلة كنت أحد شواهدها. * جمعت في (أروقة الثقافة) سيرتك الأدبية وسيرة الأدب المحلي في فترة معينة ما محاذير كتابة السيرة الذاتية كما تراها؟ * ذكرت في مقدمة الكتاب أن "مصدر خوف أي كاتب للسيرة، إما أن يكون متجاوزاً ومبالغاً أو متواضعاً مستحياً، تخوفاً من مديح (الذات) الذي يوقعه مزالق الغرور، فيحجم عن قول الحقيقة فيكون إما مقصراً وقد كتب نصف الحقيقة.. أو لا يذكرها فيكون غير صادق في شهادته. * كيف ترى حال كتاب السرد اليوم، وهل الرواية فعلاً قد غيبت القصة القصيرة التي كانت في السابق سيدة الموقف؟ * أعتقد أن وسائل وأساليب السوشال ميديا بقدر ما هي مهمة ومؤثرة في حياتنا المعاصرة وساهمت في جعل كل شيء أسهل، نجدها أثرت سلبياً على الفكر والإنتاج الكتابي، فالذين ظهروا ونشروا فكرهم عبر وسائل التواصل أصبحوا أكثر شهرة من جيل الكتاب والورق والقلم، ولكنهم وبصدق هل هم أصدق إبداعاً وأكثر مهارة منهم..؟ أعتقد أنه نادر. ولكن أنا وغيري من الجيل الذي بنى ثقافته على الكتاب والقلم، لا يؤمن بالتثقيف والتأديب بواسطة وسائل التواصل وإن كان معاصراً لها. وأظن الكتاب بهيئته التي عرف بها منذ آلاف السنين سيبقى حاضراً. وأكبر دليل على قولي ما تشهده معارض الكتاب في مختلف أنحاء العالم من إقبال جماهيري من عشاق الكتاب، رغم وجود نسخ إلكترونية متوفرة من الكتب على مختلف مواقع الإنترنت. * هل القصة القصيرة اليوم ذبلت كما يقال، ولم تعد لوناً أدبياً حاضراً كما يرى بعض النقاد؟ * دعني لا أكون متشائماً وغارقاً في تشاؤمي فأزعم أن القصة القصيرة انتهت مع ظهور الرواية، والقصيرة جداً، التي أجدها ملائمة لرتم ووتيرة عصر الإنترنت ولكني أحيلكم لآخر ما أصدره القاص والمؤرخ القصصي خالد اليوسف (100 قصة سعودية) ونُحكّم القارئ النزيه. هل هناك نص قصصي إلكتروني جديد يمكن له أن يخلد ويوثق؟ * كيف تنظر إلى واقع ومستقبل الأندية الأدبية كونك من مؤسسيها وممن عمل بها لسنوات طوال؟ * الأندية الأدبية انتهى دورها، وقد اكتفت وزارة الثقافة بما قدمته في تاريخها من عطاء. وللحق فهي كانت تمثل مرحلة مهمة في تاريخنا كما وثقت ذلك في كتابي وكان بودي أن تكون جزءاً من المراكز الثقافية الشاملة وفق رؤية المملكة الطموحة، أما أن تغلق أبوابها ويتم التبرؤ منها فهذا غير منصف على الإطلاق خاصة أن كل نادٍ من الأندية الكبيرة المهمة لها كياناتها التي صرفت عليها الملايين بجهود المحبين للوطن والأدب. * ماذا عن النقد الأدبي اليوم، وهل ترى أنه قادر على مواكبة الساحة الثقافية؟ o لست بعيداً عن النقد ومستجداته وعطاءات النقاد الجدد، فأنا على تواصل عبر قنوات الزوم مع نشاطات ثقافية لأصدقاء أوفياء كثر لهم حضورهم عبر قنوات التواصل، ولكن في ظني أن النقد اليوم يتلاءم ويتأقلم مع عالمه الافتراضي في قراءة الإبداع الجديد.