عاودت وكالة الطاقة الدولية العبث بأمن الطاقة، فعلى الرغم من اتفاق العالم وبالأخص الولاياتالمتحدة وأوروبا على سرعة تنفيذ مشاريع النفط والغاز في المنبع والمصب لتوفير امدادات عاجلة للسوق العالمي الذي يئن تحت وطأة أزمة أسعار طاقة وأزمة شح الامداد، وبأمل ان تساهم في خفض أسعار الوقود، وتعويض حظر النفط الروسي، إلا ان الوكالة أرسلت اشارات مناقضة لتلك التوجهات في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس. وقال مدير وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول في جلسات دافوس الذي افتتح 22 مايو، "ما يقلقني هو أن بعض الناس قد يستخدمون الغزو الروسي لأوكرانيا كذريعة لموجة جديدة واسعة النطاق من استثمارات الوقود الأحفوري.. ما يقلقني هو أنه سيغلق الباب إلى الأبد للوصول إلى أهدافنا المناخية.. وربما لن يكون استثمارا مربحا". والاعجب من تلميحات عدم الرغبة بمشاريع الوقود الاحفوري التي تكنها الوكالة، والتي تناقض التوجيهات الصارمة من الرئيس الأمريكي جو بايدن للتعجل بالتنقيب والإنتاج، أضاف بيرول: "حتى لو فعلت الدول 50٪ مما تقوله فيما يتعلق بأهداف انبعاثات صافية صفرية، فإن استثمارات الوقود الأحفوري قد تكون عاطلة في المستقبل". وأشار بيرول إلى أن الاكتشافات النفطية الجديدة تتطلب سنوات حتى يتم تنفيذها، وقال إن العالم يجب أن يختار بين التحول إلى الطاقة النظيفة وتكاليف الطاقة على المدى القصير. وقال "أفهم أن الأولوية الحالية اليوم هي إصلاح مشكلة أمن الطاقة ... لكن لا ينبغي أن ننسى أن أحد أسباب ارتفاع الأسعار لدينا هو موجة الحر التي نتجت عن تغير المناخ". وقال بيرول إنه لا ينبغي استخدام تكاليف الطاقة المرتفعة الناجمة جزئيًا عن الغزو الروسي لأوكرانيا لجذب موجة جديدة من استثمارات الوقود الأحفوري التي تهدد بخلق مخاطر تجارية ومناخية كبيرة في المستقبل. وقال إنه على الرغم من أن الاستجابة الفورية لفقدان النفط والغاز الروسي في الأسواق العالمية يجب أن تشمل جلب طاقة فائضة في حال وجودها، يجب موازنة أي إنفاق على المدى القريب مع الحاجة إلى نمو أعلى في الطاقة النظيفة والمتجددة. ولتأكيد مدى تخبط وتناقض اطروحات وكالة الطاقة، قامت شركة بلاتس، ستاندرد آند بورز جلوبال كوموديتي إنسايتس، بتقييم سعر خام برنت المؤرخ عند 113.815 دولارًا للبرميل في 20 مايو، مقارنة ب 100.49 دولار للبرميل في اليوم السابق لغزو روسيالأوكرانيا في 23 فبراير و79 دولارًا للبرميل في بداية العام. وهذا أكبر دليل على مدى تأثير الحرب على أسعار النفط والتي الهبت عقود الوقود، وليس موجة تغير المناخ. ولم يكتفي مدير وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول من ارسال الإشارات المتضاربة لجمع دافوس، بل حذر منتجو النفط الرئيسيون في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وبعض البنوك الاستثمارية من مزيد من الارتفاع في أسعار النفط والغاز بسبب عدم التوافق المتزايد بين احتياجات الطاقة المستمرة وتراجع العديد من شركات الطاقة الغربية الكبرى للاستثمار في مشاريع النفط والغاز الجديدة. وتأتي تصريحات بيرول أيضًا بعد شهرين من إعلان وزيرة الطاقة الأمريكية جينيفر جرانهولم أن حكومتها تحث قطاع النفط والغاز على زيادة الإنتاج فورًا استجابةً للأزمة الناجمة عن غزو أوكرانيا. وحثت جرانهولم منتجي الطاقة والممولين والمطورين على زيادة إمدادات النفط والغاز في الاستجابة على المدى القريب من تداعيات غزو أوكرانيا. وقالت نحتاج الآن إلى زيادة إنتاج النفط والغاز لتلبية الطلب الحالي، وسلطت جرانهولم الضوء على مبلغ 62 مليار دولار التاريخي المخصص لوزارة الطاقة بموجب قانون الاستثمار في البنية التحتية والوظائف وهو أكبر مبلغ يمنحه الكونجرس للوزارة منذ تأسيسه عام 1977، والذي سيتم استخدامه لتسهيل الشراكات بين القطاعين العام والخاص. في حين قالت وكالة الطاقة الدولية إنه لكي يصل العالم إلى أهدافه المناخية بحلول عام 2050، لا ينبغي معاقبة أي استثمارات جديدة في النفط والغاز. بموجب سيناريو الطاقة الصافي الصفري التاريخي لوكالة الطاقة الدولية والذي نُشر في مايو 2021، سينخفض الطلب على النفط إلى 25 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2050 من أجل تحقيق أهداف المناخ. ومع ذلك، حذرت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الأخير عن الطاقة العالمية طويل الأجل الذي نُشر في أكتوبر، من التقلبات المتزايدة بسبب انخفاض الإنفاق على المشروعات الجديدة بعد انهيار الأسعار في 2014-15 و2020، قائلة إن مستويات الاستثمار الحالية موجهة نحو ركود الطلب، ودعت في ذلك الوقت إلى الاستثمار في سياسات جانب الطلب مثل اعتماد المركبات الكهربائية والكفاءة ومصادر الطاقة المتجددة، والتي لم تفلح جميعها في مواجهة أزمات الطاقة التي يعيشها العالم الان. مطالبات وكالة الطاقة الدولية بوقف مشروعات النفط والغاز تتسبب بأزمات الطاقة