في ظل ما واجهه ويواجهه العالم من أزمات صحية - كانتشار الأوبئة - ونفسية ومخاوف من حروب قادمة أو منتظرة، هناك من يحارب ضمن كل ما يحدث بصمت وجهد، جنود خفاء قد لا يعلم عنهم العالم الكثير، وربما لم يظهروا إعلامياً كما يجب إلا في أزمة كوفيد 19 السابقة، الأطباء أو أصحاب المعاطف البيضاء كما يقال، الفئة التي لا يتحدث عن مجهودها سوى عشرات آلاف الأرواح التي يتم إنقاذها بعد أمر الله كل يوم. المهنة السامية التي لا تكتمل دون ضمير ورأفة أشخاص سخرهم الله لخدمة البشرية بصبر وعطاء قد لا يعيش الطبيب حياته كالآخرين، قد يعاني الأرق، التعب وكثرة التفكير، ربما يحرم أيضاً من المناسبات الاجتماعية ومن الكثير من رغباته وهواياته لأن نمط حياته يجبره على ذلك لكن عزاءه في كل هذا هو تلك الدعوات التي تمطر على قلبه فترويه وتخفف متاعبه لتشعره بعظمة ما يقدمه وباستحقاقه لذلك. يستيقظ الطبيب متجهاً لعمله كل يوم وهو يعلم متيقنا أنه مجرد شخص مسخر يحاول جاهداً لضرورة العمل بالأسباب، وأن إرادة الله أقوى دائماً فقد يصادف في يومه ما يؤلمه وقد يفقد روحاً حاول بكل جهده من أجل بقائها، لكنه رغم ذلك يبقى صامداً مكافحاً، بلسماً لا يشتكي ومحارباً، سلاحه توكله على الله ثم علمه وجهده. تمر به عشرات الوجوه يومياً فيتمنى لو يستطيع منحها كل ما يستطيع لكي لا تعاني أو تتألم، قد يعتاد رؤية الألم لكنه لا يعتاده، قد يعتاد رؤية الموت لكن عينه تحبس الأسى عند كل شخص يرحل أمامه. يحمل الطبيب شغفه معه كل يوم متمسكاً به ومستنداً إليه قاهراً بحبه لمهنته كل صعب ومستمراً في طريقه بحب وإصرار دون كلل أو ملل. وكطبيبة جديدة مقبلة على هذا النمط من الحياة أتمنى أن أكون طبيباً ذا كفاءة عالية، قادراً على المضي في ما اختاره رغم كل شيء.