ما زالت عالقة في ذاكرة الكثير من المواطنين تلك الزيارة الشهيرة والمفاجئة التي قام بها الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - عندما كان ولياً للعهد في شهر رمضان من عام 1423ه لحي الشميسي بمدينة الرياض للوقوف على الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسكنية للقاطنين في ذلك الحي من السعوديين، الذي يمثل عينة للأحياء التي ربما تشاركه ذات الظروف في مدن المملكة الأخرى، تلك الزيارة التي أعقبها مباشرة ما قامت به مؤسسة الأمير عبدالله بن عبدالعزيز لوالديه للإسكان التنموي - حينها - من إجراء مسح اجتماعي وعمراني للجزء الذي امتدت له الزيارة من ذلك الحي، شمل كافة المنازل القائمة - تقريباً - والتي كانت تربو على الألف منزل، وظهر من النتائج أن أكثر من (35 %) من تلك المنازل جلها طيني، (73 %) حالة الغالبية منها رديء (87 %)، تقيم بها أسر سعودية، معظمها مستأجرة للمنازل التي تقيم بها (75 %)، حيث لا تزيد نسبة الملاك لمساكنهم في ذلك الحي على (18 %)، كما أن متوسط مساحة المنزل لا تتعدى المئة متر مربع، علماً بأن متوسط عدد أفراد الأسر التي تقيم بها يزيد على السبعة أشخاص، خلاف عيش تلك الأسر في محيط اجتماعي متباين في أعراقه وثقافاته التي تمثل أكثر من ستة عشر بلداً حول العالم. بعد مرور نحو عقدين من السنوات على تلك الزيارة التي سلطت الأضواء على الظروف التي تعاني منها الأحياء القديمة في وسط مدننا، وعلى نتائج المسح الذي قامت به تلك المؤسسة الخيرية للإسكان التنموي التي - ربما - واجهت بعض الصعوبات والعوائق التي حالت دون تمكنها - آنذاك - من تحسين الظروف السكنية للأسر السعودية في ذلك الحي الذي ظل على حاله إلى اليوم، وفي أجواء انطلاق التعداد العام، للقيام بجمع وتوفير البيانات الإحصائية، التي تمثل الركيزة الأساسية للتخطيط والتطوير، واتخاذ القرارات، ورسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية، وتطوير الخطط التنموية لمختلف القطاعات بما فيها الإسكان، على نحو يسهم في تحقيق مستهدفات الرؤية، والإعداد لمستقبل أفضل، فإن من المفيد الوقوف على البيانات التي جرى جمعها عن الأحياء القديمة في مدننا، التي يمثل حي الشميسي عينة منها، ومقارنتها بما كانت عليه في السابق، وتحديداً في مجال الإسكان، فمقدار التغير في تلك البيانات - إلى الأفضل بإذن الله - يمثل أحد أهم المؤشرات عن مدى كفاءة برامج الإسكان وقدرتها على إدخال سكان تلك الأحياء القديمة ضمن مظلتها.