ساهمت ارتفاعات النفط الحادة في ارتفاع فائض إيرادات الميزانية في الربع الأول/2022 والأعلى منذ أن بدأت وزارة المالية تنشر بياناتها على أساس ربعي في 2016. ومن الملفت نمو الإيرادات غير النفطية خاصة إيرادات الضرائب على السلع والخدمات، رغم ارتفاع مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك في الربع الأول عند متوسط 1.67% مقارنة بالربع المماثل من 2021، وكذلك ارتفاع معدل التضخم المستورد والذي في العادة يؤدي الى تقلص حجم الإنفاق الاستهلاكي على السلع والخدمات، مما يشير الى مرونة الطلب الكلي على السلع والخدمات. وأن ارتفاع الإيرادات غير النفطية هو الملاذ الآمن لمواجهة تقلبات أسعار النفط عبر الزمن. ولهذا ارتفعت إيرادات الميزانية من 204.8 مليارات ريال في الربع الأول/2021 الى 278 مليار ريال في الربع الأول/2022 أو 36%، حيث قفزت الإيرادات النفطية من 116.6 مليار ريال الى183.7 مليار ريال أو 58% في نفس الفترة. أما الإيرادات غير النفطية فارتفعت من 88.2 مليار ريال الى 94.3 مليار ريال أو 7% خلال نفس فترة المقارنة. وبتفحص مكونات الإيرادات غير النفطية نجد إن إيرادات الضرائب على السلع والخدمات (ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية والمقابل المالي على الوافدين) ارتفعت من 53.7 مليار ريال في الربع الأول/2021 الى 60.4 مليار ريال في الربع الأول/2022 أو 13%. وبهذا يصل فائض الميزانية الى 57.5 مليار ريال. كما دعم النمو القياسي لأسعار النفط، بمتوسط برنت 100.3 دولار وغرب تكساس 94.45 دولاراً في الربع الأول من 2022 مقارنة بمتوسط برنت عند 60.83 دولاراً وغرب تكساس 57.59 دولاراً في الربع الأول من 2021، نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الذي ارتفع بمعدل 9.6% في الربع الأول/2022 مقارنة بالربع الأول/2021 والأعلى منذ 2011، حيث بلغ نمو الأنشطة النفطية 20.4% وغير النفطية 3.7%، والخدمات الحكومية ب 2.4 %، حسب بيانات للهيئة العامة للإحصاء. وهذا يوضح علاقة الترابط الإيجابية بين نمو الإيرادات ونمو الاقتصاد الوطني الحقيقي والمتوقع أن ينمو بمعدل 7.4% على المدى القصير ولكن استمرار هذا الأداء على المدى المتوسط والطويل سيؤدي الى تراكم الإيرادات وتعظيم الفائض في الميزانية في الأعوام المقبلة ومحققا لأهداف رؤية 2030. فانه من المتوقع أن تواصل أسعار النفط ارتفاعها فوق متوسط 100 دولار هذا العام في ظل نقص المعروض، وبقاء الطلب العالمي على النفط في نطاق 100 مليون برميل يوميا، واستمرار أوبك+ في تنفيذ اتفاقها والأزمة الجيوسياسية الحالية، مما سيعزز فائض الميزانية والمحتمل أن يتجاوز 180 مليار ريال في ميزانية 2022 أي ضعف تقييم وزارة المالية ليصبح هو الأعلى منذ 2013.